ونسلمه حتى نصرّع حوله |
|
ونذهل عن أبنائنا والحلائل |
***
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أما ترى ابنه كاللّيث العادي بين يدي الله ورسوله ، وابنه الآخر في جهاد الله بأرض الحبشة». فقال : يا رسول الله ، أسخطت عليّ في هذه الحالة. فقال : «ما سخطت عليك ، ولكن ذكرت عمّي فانقبضت لذلك».
وقال أبو جهل لقريش : لا تعجلوا ولا تبطروا كما عجل وبطر أبناء ربيعة ، عليكم بأهل يثرب ، فاجزروهم جزرا ، وعليكم بقريش فخذوهم أخذا حتى ندخلهم مكة ، فنعرّفهم ضلالتهم التي كانوا عليها. وكان فتية من قريش أسلموا بمكة ، فاحتبسهم آباؤهم ، فخرجوا مع قريش إلى بدر وهم على الشّكّ والارتياب والنّفاق ، منهم قيس بن الوليد بن المغيرة ، وأبو قيس بن الفاكه ، والحارث بن ربيعة ، وعلي بن أمية بن خلف ، والعاص بن المنبّه. فلما نظروا إلى قلّة أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قالوا : مساكين هؤلاء غرّهم دينهم فيقتلون الساعة. فأنزل الله على رسوله : (إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَإِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)(١) وجاء إبليس لعنه الله في صورة سراقة بن مالك ، فقال لهم : أنا جار لكم ادفعوا إليّ رايتكم. فدفعوها إليه ، وجاء بشياطينه يهوّل بهم على أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ويخيّل إليهم ويفزعهم ، وأقبلت قريش يقدمها إبليس ، معه الراية ، فنظر إليه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : «غضّوا أبصاركم ، وعضّوا على النواجذ ، ولا تسلّوا سيفا حتى آذن لكم».
ثم رفع يده إلى السّماء ، فقال : يا ربّ ، إن تهلك هذه العصابة لم تعبد ،
__________________
(١) الأنفال ٨ : ٤٩.