السّدانة ، فما لسائر قومك من قريش وسائر العرب؟ فقد أعلمتنا في بدء الإسلام أنا إذا آمنّا بما تقول كان لنا مالك ، وعلينا ما عليك. فأطرق رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم طويلا ، ثمّ رفع رأسه ، ثم قال : ما أنا والله فعلت بهم هذا ، بل الله فعل بهم ، فما ذنبي؟ فولّى النّضر بن الحارث وهو يقول : اللهم إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. فأنزل الله عليه مقالة النّضر بن الحارث ، وهو يقول : (اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) ونزلت هذه : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) إلى قوله تعالى : (وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ).
فبعث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى النّضر بن الحارث الفهريّ ، وتلا عليه الآية ، فقال : يا رسول الله ، إني قد أسررت ذلك جميعه ، أنا ومن لم تجعل له ما جعلته لك ولأهل بيتك من الشّرف والفضل في الدنيا والآخرة ، فقد أظهر الله ما أسررنا ، أمّا أنا فأسألك أن تأذن لي فأخرج من المدينة ، فإني لا أطيق المقام. فوعظه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : إنّ ربّك كريم ، فإن أنت صبرت وتصابرت لم يخلك من مواهبه ، فارض وسلّم ، فإن الله يمتحن خلقه بضروب من المكاره ، ويخفّف عمّن يشاء ، وله الأمر والخلق ، مواهبه عظيمة ، وإحسانه واسع. فأبى النّضر بن الحارث وسأله الإذن ، فأذن له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فأقبل إلى بيته ، وشدّ على راحلته راكبا متعصّبا ، وهو يقول : اللهمّ ، إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارة من السّماء ، أو ائتنا بعذاب أليم. فلمّا مرّ بظهر المدينة ، وإذا بطير في مخلبه حجر فجدله ، فأرسله إليه ، فوقع على هامته ، ثمّ دخل في دماغه ، وخرّت في بطنه [حتى خرجت من دبره ، ووقعت على ظهر راحلته وخرّت حتى خرجت من بطنها] فاضطربت الراحلة وسقطت وسقط النّضر بن الحارث من عليها ميّتين ، فأنزل الله تعالى : (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ) بعليّ وفاطمة والحسن والحسين وآل