ولو لا قوتك لم يقووا ، ولو لا تثبيتك لم يثبتوا ، ولو لا رحمتك لم يطيعوا ، ولو لا أنت لم يكونوا ، أما إنهم على مكاناتهم منك ، وطاعتهم إياك ، ومنزلتهم عندك ، وقلة غفلتهم عن أمرك ، لو عاينوا ما خفي عنهم منك لاحتقروا أعمالهم ، ولزروا (١) على أنفسهم ، ولعلموا أنهم لم يعبدوك حق عبادتك ، سبحانك خالقا ومعبودا ، ما أحسن بلاءك عند خلقك» (٢).
* س ٣ : ما هو معنى قوله تعالى :
(ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)(٢) [سورة فاطر : ٢]؟!
الجواب / قال أبو عبد الله عليهالسلام : في قول الله : (ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها) «والمتعة من ذلك» (٣).
وقال عليهالسلام أيضا : «هي ما أجرى الله على لسان الإمام» (٤).
وقال الشيخ الطبرسي : ثم بين سبحانه إنعامه على خلقه فقال : (ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها) أي. ما يأتيهم به من مطر ، أو عافية ، أو أي نعمة شاء ، فإن أحدا لا يقدر على إمساكه. (وَما يُمْسِكْ) من ذلك (فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ) أي : فإن أحدا لا يقدر على إرساله. وقيل. معناه ما يرسل الله من رسول إلى عباده في وقت دون وقت ، فلا مانع له ، لأن إرسال الرسول رحمة من الله ، كما قال : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) وما يمسكه في زمان الفترة ، أو عمن يقترحه من الكفار ، فلا مرسل له. واللفظ محتمل للجميع (وَهُوَ الْعَزِيزُ) أي : القادر الذي لا يعجز (الْحَكِيمُ) في أفعاله ، إن أنعم ، وإن أمسك ، لأنه يفعل ما تقتضيه الحكمة (٥).
__________________
(١) زرى عليه : عابه.
(٢) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٠٧.
(٣) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٠٧.
(٤) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٤٧٨ ، ح ١.
(٥) مجمع البيان : ج ٨ ، ص ٢٣٢.