* س ٤ : ما هو معنى قوله تعالى :
(يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٣) وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٤) يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ)(٥) [سورة فاطر : ٣ ـ ٥]؟!
الجواب / قال الشيخ الطبرسي : ثم خاطب المؤمنين فقال : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ) الظاهرة والباطنة التي من جملتها أنه خلقكم ، وأوجدكم ، وأحياكم ، وأقدركم ، وشهاكم (١) ، وخلق لكم أنواع الملاذ والمنافع (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) هذا استفهام تقرير لهم ، ومعناه النفي ، ليقروا بأنه لا خالق إلا الله ، يرزق من السماء بالمطر ، ومن الأرض بالنبات. وهل يجوز إطلاق لفظ الخالق على غير الله سبحانه؟ فيه وجهان أحدهما : إنه لا تطلق هذه اللفظة على أحد سواه ، وإنما يوصف به غيره على جهة التقييد ، وإن جاز إطلاق لفظ الصانع ، والفاعل ، ونحوهما على غيره والآخر. إن المعنى لا خالق يرزق ويخلق الرزق ، إلا الله تعالى. (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) أي : لا معبود يستحق العبادة سواه سبحانه. (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) أي : كيف تصرفون عن طريق الحق إلى الضلال. وقيل : معناه أنى يعدل بكم عن هذه الأدلة التي أقمتها لكم على التوحيد ، مع وضوحها. ثم سلى سبحانه نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم عن تكذيب قومه إياه ، فقال : (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ) يا محمد (فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) فيجازي من كذب رسله ، وينصر من كذب من رسله ، ثم خاطب الخلق فقال : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللهِ) من البعث والنشور ، والجنة والنار ، والجزاء والحساب. (حَقٌ
__________________
(١) شهاه : حمله على الشهوة.