صدق كائن لا محالة (فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) فتغترون بملاذها ونعيمها ، ولا يخدعنكم حب الرياسة ، وطول البقاء ، فإن ذلك عن قليل نافد بائد ، ويبقى الوبال والوزر (وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ) وهو الذي عادته أن يغر غيره ، والدنيا وزينتها بهذه الصفة ، لأن الخلق يغترون بها. وقيل : إن الغرور الشيطان الذي هو إبليس (١).
* س ٥ : ما هو معنى قوله تعالى :
(إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ (٦) الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) (٧) [سورة فاطر : ٧ ـ ٦]؟!
الجواب / قال الصادق عليهالسلام : «لا يتمكّن الشيطان بالوسوسة من العبد إلّا وقد أعرض عن ذكر الله تعالى ، واستهان وسكن إلى نهيه ، ونسي اطّلاعه على سرّه ، فالوسوسة ما تكون من خارج القلب بإشارة معرفة العقل ومجاورة الطبع ، وأمّا إذا تمكن في القلب فذلك غيّ وضلالة وكفر ، والله عزوجل دعا عباده بلطف دعوته وعرّفهم عداوة إبليس ، فقال تعالى : (إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا)(٢).
وقال الشيخ الطبرسي : ثم إنه سبحانه حذرهم الشيطان فقال : (إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ) يدعوكم إلى ما فيه الهلاك والخسر ، ويصرفكم عن أفعال الخير والبر ، ويدعوكم إلى الشر (فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا) أي : فعادوه ولا تتبعوه بأن تعملوا على وفق مراده ، وتذعنوا لانقياده (إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ) أي : أتباعه ، وأولياءه ، وأصحابه (لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ) أي : النار المسعرة. والمعنى : إنه لا سلطان له على المؤمنين ، ولكنه يدعو أتباعه إلى ما يستحقون به النار.
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٨ ، ص ٢٣٢ ـ ٢٣٣.
(٢) مصباح الشريعة : ص ٧٩.