ثم بين سبحانه حال من أجابه ، وحال من خالفه فقال : (الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) جزاء على كفرهم (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) من الله لذنوبهم (وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) أي : ثواب عظيم (١).
* س ٦ : ما هو معنى قوله تعالى :
(أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ) (٨) [سورة فاطر : ٨]؟!
الجواب / قال عليهالسلام : «نزلت في زريق ، وحبتر» (٢).
وقال الطّبرسي ، في (الاحتجاج) : عن أبي الحسن علي بن محمد العسكري عليهالسلام ، في رسالته إلى أهل الأهواز حين سألوه عن الجبر والتفويض ـ وذكر الرسالة إلى أن قال عليهالسلام : ـ «[فإن قالوا ما الحجة في قول الله تعالى :] (فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ)(٣) ، وما أشبه ذلك؟ قلنا : فعلى مجاز هذه الآية يقتضي معنيين ، أحدهما : أنه إخبار عن كونه تعالى قادرا على هداية من يشاء وضلالة من يشاء ، ولو أجبرهم على أحدهما لم يجب لهم ثواب ، ولا عليهم عقاب ، على ما شرحناه. والمعنى الآخر : أنّ الهداية منه : التعريف ، كقوله تعالى : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى)(٤). وليس كلّ آية مشتبهة في القرآن كانت الآية حجّة على حكم الآيات اللاتي أمر بالأخذ بها وتقليدها ، وهي قوله : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ)(٥) الآية ، وقال :
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٨ ، ص ٢٣٣.
(٢) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٠٧.
(٣) إبراهيم : ٤.
(٤) فصلت : ١٧.
(٥) آل عمران : ٧.