فقلت : من المقتصد منكم؟
قال : «العابد لله في الحالين حتى يأتيه اليقين». فقلت : فمن السابق منكم بالخيرات؟
قال : «من دعا ـ والله ـ إلى سبيل ربّه ، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر ، ولم يكن للمضلّين عضدا ، ولا للخائنين خصيما ، ولم يرض بحكم الفاسقين ، إلّا من خاف على نفسه ودينه ولم يجد أعوانا» (١).
وقال الريّان بن الصلت : حضر الرضا عليهالسلام مجلس المأمون بمرو وقد اجتمع إليه في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق وخراسان ، فقال المأمون : أخبروني عن معنى هذه الآية : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) ، فقالت العلماء : أراد الله عزوجل بذلك الأمّة كلها.
فقال المأمون : ما تقول ، يا أبا الحسن؟ فقال الرضا عليهالسلام : «لا أقول كما قالوا ، ولكن أقول : أراد الله عزوجل بذلك العترة الطاهرة». فقال المأمون : وكيف عنى العترة من دون الأمّة؟ فقال له الرضا عليهالسلام : «لو أراد الأمة لكانت بأجمعها في الجنّة لقول الله تبارك وتعالى : (فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) ، ثم جمعهم كلهم في الجنّة ، فقال عزوجل : (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ) ، فصارت الوراثة للعترة الطاهرة لا لغيرهم».
فقال المأمون : من العترة الطاهرة؟ فقال الرضا عليهالسلام : «الذين وصفهم الله في كتابه ، فقال عزوجل : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)(٢) ، وهم الذين قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إني مخلف فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، ألا وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ
__________________
(١) معاني الأخبار : ص ١٠٥ ، ح ٣.
(٢) الأحزاب : ٣٣.