موصولا. ويجوز أن يكون المعنى : بأي شيء غفر لي ربي ، فيكون استفهاما ، يقال : علمت بما صنعت هذا بإثبات الألف ، وبم صنعت هذا بحذفها ، إلا أن الحذف أجود في هذا المعنى. ثم حكى سبحانه ما أنزله بقوله من العذاب والاستئصال ، فقال : (وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ) أي : من بعد قتله ، أو من بعد رفعه (مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ) يعني الملائكة أي : لم ننتصر منهم بجند من السماء ، ولم ننزل لإهلاكهم بعد قتلهم الرسل ، جندا من السماء يقاتلونهم (وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ) أي : وما كنا ننزلهم على الأمم إذا أهلكناهم. وقيل : معناه وما أنزلنا على قومه من بعده ، رسالة من السماء. قطع الله عنهم الرسالة حين قتلوا رسله ، والمراد : أن الجند هم ملائكة الوحي الذين ينزلون على الأنبياء. ثم بين سبحانه بأي شيء كان هلاكهم ، فقال : (إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً) أي : كان إهلاكهم عن آخرهم ، بأيسر أمر ، صيحة واحدة ، حتى هلكوا بأجمعهم. (فَإِذا هُمْ خامِدُونَ) أي : ساكنون قد ماتوا. قيل : إنهم لما قتلوا حبيب بن مري النجار ، غضب الله عليهم ، فبعث جبرائيل حتى أخذ بعضادتي باب المدينة ، ثم صاح بهم صيحة ، فماتوا عن آخرهم ، لا يسمع لهم حس ، كالنار إذا طفئت (١).
* س ٥ : ما هو معنى قوله تعالى :
(يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ)(٣٠) [سورة يس : ٣٠]؟!
الجواب / قال أبو عبد الله عليهالسلام : «خبر تدريه خير من عشر ترويه ، إن لكل حق حقيقة ، ولكل صواب نورا».
ثم قال : «إنا والله لا نعد الرجل من شيعتنا فقيها حتى يلحن له فيعرف
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٨ ، ص ٢٦٨ ـ ٢٦٩.