* س ١٣ : ما هو معنى قوله تعالى :
(وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ (٤٦) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)(٤٧) [سورة يس : ٤٦ ـ ٤٧]؟!
الجواب / قال الشيخ الطبرسي ، قوله : (وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ) أي : أعرضوا عن الداعي ، وعن التفكر في الحجج ، وفي المعجزات ، و (مِنْ) في قوله (مِنْ آيَةٍ) : هي التي تزاد في النفي للاستغراق. و (مِنْ) الثانية. للتبعيض ، أي : ليس تأتيهم آية ، أية آية كانت ، إلا ذهبوا عنها ، وأعرضوا عن النظر فيها ، وذلك سبيل من ضل عن الهدى ، وخسر الدنيا والآخرة. (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ) أيضا (أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ) في طاعته ، وأخرجوا ما أوجب الله عليكم في أموالكم. (قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ) احتجوا في منع الحقوق بأن قالوا : كيف نطعم من يقدر الله على إطعامه ، ولو شاء الله إطعامه أطعمه ، فإذا لم يطعم دل على أنه لم يشأ إطعامه. وذهب عليهم أن الله سبحانه إنما تعبدهم بذلك لما لهم فيه من المصلحة. فأمر الغني بالإنفاق على الفقير ليكسب به الأجر والثواب. واختلف في هؤلاء الذين قالوا ذلك فقيل : هم اليهود حين أمروا بإطعام الفقراء. وقيل : هم مشركو قريش ، قال لهم أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أطعمونا من أموالكم ما زعمتم أنه لله ، وذلك قوله : (هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ). وقيل : هم الزنادقة الذين أنكروا الصانع ، تعلقوا بقوله (رَزَقَكُمُ اللهُ) فقالوا : إن كان هو الرزاق فلا فائدة في التماس الرزق منا ، وقد رزقنا وحرمكم ، فلم تأمرون بإعطاء من حرمه الله. (إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) هذا من قول الكفار لمن أمرهم بالإطعام ، وقيل : إنه من قول الله تعالى لهم حين ردوا بهذا الجواب (١).
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٨ ، ص ٢٧٨ ـ ٢٧٩.