تحت الأرض حتى لحقت بقارون ، وكان قارون هلك في أيام موسى ، ووكّل الله به ملكا يدخله في الأرض كل يوم قامة رجل ، وكان يونس في بطن الحوت يسبح الله ويستغفره ، فسمع قارون صوته ، فقال للملك الموكل به : أنظرني ، فإني أسمع كلام آدمي. فأوحى الله إلى الملك الموكّل به : أنظره ، فأنظره.
ثم قال قارون : من أنت؟ قال يونس : أنا المذنب الخاطئ يونس بن متى. قال : فما فعل الشديد الغضب لله موسى بن عمران؟ قال : هيهات ، هلك. قال : فما فعل الرؤوف الرحيم على قومه هارون بن عمران؟ قال : هلك. قال : فما فعلت كلثم بنت عمران ، التي كانت سميت لي؟ قال : هيهات ، ما بقي من آل عمران أحد. قال قارون : وا أسفا على آل عمران. فشكر الله له ذلك ، فأمر الله الملك الموكل به أن يرفع عنه العذاب أيام الدنيا ، فرفع عنه.
فلما رأى يونس ذلك نادى في الظلمات : أن لا إله إلا أنت سبحانك ، إني كنت من الظالمين. فاستجاب الله له ، وأمر الحوت أن يلفظه ، فلفظه على ساحل البحر ، وقد ذهب جلده ولحمه ، وأنبت الله عليه شجرة من يقطين ـ وهي الدباء ـ فأظلته عن الشمس ، فشكر ، ثم أمر الله الشجرة فتنحّت عنه ، ووقعت الشمس عليه ، فجزع ، فأوحى الله إليه : يا يونس ، لم لم ترحم مائة ألف أو يزيدون وأنت تجزع من ألم ساعة! فقال : يا رب ، عفوك عفوك. فردّ الله عليه بدنه ، ورجع إلى قومه ، وآمنوا به ، وهو قوله : (فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ)(١)» وقالوا : مكث يونس عليهالسلام في بطن الحوت سبع ساعات (٢).
__________________
(١) يونس : ٩٨.
(٢) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٣١٧.