وقال أبو جعفر عليهالسلام : «لبث يونس في بطن الحوت ثلاثة أيام ، ونادى في الظلمات الثلاث : ظلمة بطن الحوت ، وظلمة الليل ، وظلمة البحر : أن لا إله إلا أنت سبحانك ، إني كنت من الظالمين. فاستجاب له ربه ، فأخرجه الحوت إلى الساحل ، ثم قذفه فألقاه بالساحل ، وأنبت الله عليه شجرة من يقطين ـ وهو القرع ـ فكان يمصه ، ويستظل به وبورقه ، وكان تساقط شعره ، ورق جلده ، وكان يونس يسبح ويذكر الله في الليل والنهار. فلما أن قوي واشتد بعث الله دودة فأكلت أسفل القرع ، فذبلت القرعة ، ثم يبست ، فشق ذلك على يونس ، وظل حزينا ، فأوحى الله إليه : مالك حزينا ، يا يونس؟ قال : يا رب ، هذه الشجرة التي كانت تنفعني سلطت عليها دودة فيبست. قال : يا يونس ، أحزنت لشجرة لم تزرعها ، ولم تسقها ، ولم تعي بها أن يبست حين استغنيت عنها ، ولم تحزن لأهل نينوى ، أكثر من مائة ألف أردت أن ينزل عليهم العذاب! إن أهل نينوى قد آمنوا واتّقوا فارجع إليهم.
فانطلق يونس إلى قومه ، فلما دنا من نينوى استحى أن يدخل ، فقال لراع لقيه : ائت أهل نينوى ، فقل لهم : إن هذا يونس قد جاء. قال الراعي : أتكذب ، أما تستحي ، ويونس قد غرق في البحر وذهب؟! قال له يونس : اللهمّ إن هذه الشاة تشهد لك أني يونس. فنطقت الشاة له بأنه يونس ، فلما أتى الراعي قومه وأخبرهم ، أخذوه وهموا بضربه ، فقال : إن لي بينة بما أقول. قالوا : من يشهد؟ قال : هذه الشاة تشهد ، فشهدت بأنه صادق ، وأن يونس قد رده الله إليهم. فخرجوا يطلبونه ، فوجدوه فجاءوا به وآمنوا ، وأحسنوا إيمانهم ، فمتّعهم الله إلى حين ، وهو الموت ، وأجارهم من ذلك العذاب» (١).
وقال أمير المؤمنين عليهالسلام : «إن الله عرض ولايتي على أهل السماوات
__________________
(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٣١٩.