أهل الشام ، من علمائهم ، فقال : يا أبا جعفر ، جئت أسألك عن مسألة قد أعيت علي أن أجد أحدا يفسرها ، وقد سألت عنها ثلاثة أصناف من الناس ، فقال كل صنف منهم شيئا غير الذي قال الصنف الآخر. فقال له أبو جعفر عليهالسلام : «ما ذاك؟» قال : إني أسألك عن أول ما خلق الله من خلقه ، فإن بعض من سألته قال : القدر ، وقال بعضهم : القلم ، وقال بعضهم : الروح.
فقال أبو جعفر عليهالسلام : «ما قالوا شيئا ، أخبرك أن الله تعالى كان ولا شيء غيره ، وكان عزيزا ولا أحد كان قبل عزّه ، وذلك قوله : (سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ)(١).
٢ ـ أقول : في الآية الثانية شمل الباري عزوجل كافة أنبيائه بلطفه غير المحدود ، وقال : (وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ). السّلام الذي يوضح السلامة والعافية من كل أنواع العذاب والجزاء في يوم القيامة ، السّلام الذي هو صمام الأمان أمام الهزائم ودليل للانتصار على الأعداء.
ومما يذكر أن الله سبحانه وتعالى أرسل في آيات هذه السورة سلاما إلى كثير من أنبيائه ، وصورة منفصلة ، قال تعالى : (سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ) وقال : (سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ) ، وفي الآية (سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ) ، وفي الآية (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ).
وقد جمعها هنا في سلام واحد موجه لكل المرسلين ، قال تعالى : (وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ). وأخيرا ختمت السورة بآية تحمد الله (وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).
__________________
(١) الكافي : ج ٨ ، ص ٩٤ ، ح ٦٧.