ثم أخبر سبحانه عما فعله بالأمم المكذبة بأن قال : (فَأَذاقَهُمُ اللهُ الْخِزْيَ) أي : الذل والهوان (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ) أي : أعظم وأشد (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ) سمى ذكر الأمم الماضية مثلا ، كما قال : (وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ) والمعنى : إنا وصفنا وبينا للناس في هذا القرآن كلما يحتاجون إليه من مصالح دينهم ودنياهم. (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) أي : لكي يتذكروا ، ويتدبروا فيعتبروا (قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ) أي : غير ذي ميل عن الحق ، بل هو مستقيم موصل إلى الحق (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) أي : لكي يتقوا معاصي الله (١).
* س ١٦ : ما هو معنى قوله تعالى :
(ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (٢٩) [سورة الزمر : ٢٩]؟!
الجواب / قال أبو جعفر عليهالسلام : «أما الذي فيه شركاء متشاكسون ، فلان الأول ، يجمع المتفرقون ولايته ، وهم في ذلك يلعن بعضهم بعضا ، ويبرأ بعضهم من بعض ، فأما رجل سلم لرجل فإنه الأول حقا وشيعته.
ثم قال : إن اليهود تفرقوا من بعد موسى عليهالسلام على إحدى وسبعين فرقة ، منها فرقة في الجنة وسبعون في النار ، وتفرقت النصارى بعد عيسى عليهالسلام على اثنتين وسبعين فرقة ، فرقة منها في الجنّة وإحدى وسبعون في النار ، وتفرّقت هذه الأمة بعد نبيها صلىاللهعليهوآلهوسلم على ثلاث وسبعين فرقة ، اثنتان وسبعون فرقة في النار ، وفرقة في الجنة ، ومن الثلاث وسبعين فرقة ثلاث
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٨ ، ص ٣٩٤ ، بتصرف.