* س ١١ : ما هو معنى قوله تعالى :
(وَقالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ)(٢٦) [سورة المؤمن : ٢٦]؟!
الجواب / قال الشيخ الطوسي : حكى الله تعالى عن فرعون أنه قال لقومه (ذَرُونِي) ومعناه اتركوني أقتل موسى ، وذلك يدل على أن في خاصة فرعون كان قوم يمنعونه من قتل موسى ، ومن معه ويخوفونه أن يدعو ربه فيهلك ، فلذلك قال ذروني أقتله وليدع ربه ، كما تقولون. وقال قوم : ذلك حين قالوا لو هو ساحر فإن قتلته قويت الشبهة بمكانه بل (أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ)(١) (وَلْيَدْعُ رَبَّهُ) في دفع القتل عنه ، فإنه لا يخشى من دعائه شيء ، وهذا عنف من فرعون وتمرد وجرأة على الله وإيهام لقومه بأن ما يدعو به موسى لا حقيقة له. ثم قال فرعون (إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ) يعني موسى (دِينَكُمْ) وهو ما تعتقدونه من إلهيتي (أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ) بأن يتبعه قوم نحتاج أن نقاتله فيخرب في ما بين ذلك البلاد ، ويظهر الفساد. وقال قتادة : الفساد عند فرعون أن يعمل بطاعة الله. فمن قرأ (أَوْ أَنْ) فإنه جعل المخوف أحد الأمرين وإن جعل (أَوْ) بمعنى الواو جعل الأمرين مخوفين معا. ومن قرأ بالواو جعل المخوف الأمرين معا : تبديل الدين وظهور الفساد. والتبديل رفع الشيء إلى غيره في ما يقع موقعه إلا أنه بالعرف لا يستعمل إلا في رفع الجيد بالردي ، والفساد انتقاض الأمر بما ينافي العقل أو الشرع أو الطبع ، ونقيضه الصلاح. والإظهار جعل الشيء بحيث يقع عليه الإدراك (٢).
وقيل لأبي عبد الله عليهالسلام ، في قول فرعون : (ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى) فقيل : من كان يمنعه؟ قال : «كان لرشده ، لأنّ الأنبياء والحجج لا يقتلهم إلا
__________________
(١) الشعراء : ٣٦.
(٢) التبيان : ج ٩ ، ص ٧١.