لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللهِ إِنْ جاءَنا) أي لكم الملك والسلطان على أهل الأرض وذلك لا يمنع من بأس الله (قالَ فِرْعَوْنُ ما أُرِيكُمْ إِلَّا ما أَرى وَما أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ) في ما أدعوكم من إلهيتي وتكذيب موسى. ثم حكى ما قال المؤمن فقال : (وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ) عذابا (مِثْلَ) عذاب «يوم الأحزاب» قال قوم : القائل لذلك موسى نفسه ، لأن مؤمن آل فرعون كان يكتم إيمانه ، وهذا ضعيف لأن قوله هذا كقوله (أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ) وكما أظهر هذا جاز أن يظهر ذلك (١).
* س ١٥ : ما هو معنى قوله تعالى :
(مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ)(٣١) [سورة المؤمن : ٣١]؟!
الجواب / قال الشيخ الطوسي : لما حكى الله تعالى عن مؤمن آل فرعون أنه حذر قومه بالعذاب مثل عذاب يوم الأحزاب ، فسر ذلك فقال (مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ) يعني كعادته مع قوم نوح. والدأب العادة يقال : دأب يدأب دأبا فهو دائب في عمله إذا استمر فيه. والعادة تكرر الشيء مرة بعد مرة. وإنما فعل بهم ذلك حين كفروا به ، فأغرقهم الله وكقوم هود وهم عاد. وكقوم صالح : وهم ثمود والذين من بعدهم من الأنبياء وأممهم الذين كذبوهم ، فأهلكهم الله بأن استأصلهم جزاء على كفرهم. ثم أخبر أنه تعالى لا يريد ظلما للعباد ، ولا يؤثره لهم. وذلك دال على فساد قول المجبرة الذين يقولون إن كل ظلم في العالم بإرادة الله (٢).
__________________
(١) التبيان : ج ٩ ، ص ٧٣.
(٢) التبيان : ج ٩ ، ص ٧٤.