الفلك والكواكب ، من غير سبب (أَكْبَرُ) أي : أعظم وأهول في النفس (مِنْ خَلْقِ النَّاسِ) وإن كان خلق الناس عظيما بما فيه من الحياة والحواس المهيأة لأنواع مختلفة من الإدراكات (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) لعدولهم عن الفكر فيه ، والاستدلال على صحته. والمعنى : إنهم إذا أقروا بأن الله تعالى خلق السماء والأرض ، فكيف أنكروا قدرته على إحياء الموتى ، ولكنهم أعرضوا عن التدبر ، فحلوا محل الجاهل الذي لا يعلم شيئا. (وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ) أي : لا يستوي من أهمل نفسه ، ومن تفكر فعرف الحق. شبه الذي لا يتفكر في الدلائل بالأعمى ، والذي يستدل بها بالبصير. (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَلَا الْمُسِيءُ) أي : وما يستوي المؤمنون الصالحون ، ولا الكافر الفاسق في الكرامة والإهانة ، والهدى والضلال (قَلِيلاً ما تَتَذَكَّرُونَ) يجوز أن تكون (ما) مزيدة. ويجوز أن تكون مصدرية. فيكون تقديره : قليلا تذكرهم أي : قل نظرهم فيما ينبغي أن ينظروا فيه مما دعوا إليه. (إِنَّ السَّاعَةَ) يعني القيامة (لَآتِيَةٌ) أي : جاثية واقعة (لا رَيْبَ فِيها) أي : لا شك في مجيئها. (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ) أي : لا يصدقون بذلك لجهلهم بالله تعالى ، وشكهم في إخباره (١).
* س ٢٩ : ما هو معنى قوله تعالى :
(وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ)(٦٠) [سورة المؤمن : ٦٠]؟!
الجواب / قال أبو عبد الله عليهالسلام : «الدعاء هو العبادة التي قال الله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ) الآية ، ادع الله عزوجل ، ولا تقل : إن الأمر قد فرغ منه».
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٨ ، ص ٤٤٨ ـ ٤٥١.