ثم قال : «عليك بالقرآن ، فإن الله خلق الجنة بيده ، لبنة من ذهب ، ولبنة من فضة ، وجعل بلاطها المسك ، وترابها الزعفران ، وحصاها اللؤلؤ ، وجعل درجاتها على قدر آيات القرآن ، فمن قرأ القرآن قال له : اقرأ وارق ، ومن دخل منهم الجنة لم يكن أحد في الجنة أعلى درجة منه ، ما خلا النبيّين والصديقين».
وقال له الرجل : فما الزهد؟ قال : «الزهد عشرة أجزاء فأعلى درجات الزهد أدنى درجات الرضا ، ألا وإن الزهد في آية من كتاب الله (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ)(١)».
فقال الرجل : لا إله إلا الله. وقال علي بن الحسين عليهماالسلام : «وأنا أقول لا إله إلا الله ، فإذا قال : أحدكم لا إله إلا الله ، فليقل : الحمد لله رب العالمين ، فإن الله يقول : (هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ)(٢).
وقال أبو الصلت عبد السّلام بن صالح الهروي : كنت مع الرضا عليهالسلام لما دخل نيسابور وهو راكب بغلة شهباء ، وقد خرج علماء نيسابور في استقباله ، فلما صار إلى المرتعة تعلقوا بلجام بغلته ، وقالوا : يا بن رسول الله ، حدثنا بحق آبائك الطاهرين ، حدثنا عن آبائك صلوات الله عليهم أجمعين. فأخرج رأسه من الهودج ، وعليه مطرف خزّ ، فقال : «حدثني أبي موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين سيد شباب أهل الجنّة ، عن أبيه أمير المؤمنين ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال : أخبرني جبرئيل الروح الأمين ، عن الله تقدست أسماؤه ، وجل وجهه ، قال : إني أنا الله ، لا إله إلا أنا وحدي ، عبادي فاعبدوني ،
__________________
(١) الحديد : ٢٣.
(٢) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٥٩.