طِفْلاً) أي : أطفالا واحدا واحدا ، فلذلك ذكره بالتوحيد. قال يونس : العرب تجعل الطفل للواحد والجماعة. قال الله تعالى (أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ) والمعنى : ثم يقلبكم أطوارا إلى أن يخرجكم من أرحام الأمهات أطفالا صغارا. (ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ) وهو حال استكمال القوة. وهذا يحتمل أن يكون معطوفا على معنى قوله (ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً) لتنشأوا وتشبوا (ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ). ويحتمل أن يكون معطوفا على معنى قوله (يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً) والتقدير لطفوليتكم. ثم لتبلغوا أشدكم. (ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً) بعد ذلك (وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ) أي : من قبل أن يصير شيخا ، ومن قبل أن يبلغ أشده (وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمًّى) أي : وليبلغ كل واحد منكم ما سمي له من الأجل الذي يموت عنده. وقيل : هذا للقرن الذي تقوم عليهم القيامة. والأجل المسمى هو القيامة ... (وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) أي : خلقكم لهذه الأغراض التي ذكرها ، ولكي تتفكروا في ذلك فتعقلوا ما أنعم الله به عليكم من أنواع النعم ، وأراده منكم من إخلاص العبادة. ثم قال : (هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ) أي : من خلقكم من تراب على هذه الأوصاف التي ذكرها ، هو الذي يحييكم ، وهو الذي يميتكم. فأولكم من تراب ، وآخركم إلى تراب. (فَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) ومعناه : إنه يفعل ذلك من غير أن يتعذر ويمتنع عليه ، فهو بمنزلة ما يقال له كن فيكون ، لأنه سبحانه يخاطب المعدوم بالتكون. (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ) يعني المشركين الذين يخاصمون في إبطال حجج الله ودفعها (أَنَّى يُصْرَفُونَ) أي : كيف ومن أين يقلبون عن الطريق المستقيم إلى الضلال ، ولو كانوا يخاصمون في آيات الله بالنظر في صحتها ، والفكر فيها ، لما ذمهم الله تعالى (١).
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٨ ، ص ٤٥٤ ـ ٤٥٥.