بل هل يمكن المقايسة بين هاتين القدرتين ، فأين القدرة المحدودة الفانية من القدرة المطلقة اللامتناهية الأزلية؟! ما للتراب وربّ الأرباب؟!
تضيف الآية في النهاية قوله تعالى : (وَكانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ). نعم ، إنّ الإنسان الضعيف المحدود سوف يطغى بمجرّد أن يشعر بقليل من القدرة والقوة ، وأحيانا بدافع من جهله ، فيتوهم أنّه يصارع الله جلّ وعلا!!
وقال الصادق عليهالسلام : «لمّا بعث الله عزوجل هودا ، أسلم له العقب من ولد سام ، وأمّا الآخرون فقالوا : (مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً) فأهلكوا بالريح العقيم ، وأوصاهم هو وبشرهم بصالح عليهالسلام» (١).
وقال علي عليهالسلام : «واتعظوا فيها بالذين قالوا : (مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً) حملوا إلى قبورهم فلا يدعون ركبانا ، وأنزلوا الأجداث فلا يدعون ضيافا ، وجعل لهم من الصفيح أجنان ، ومن التراب أكفان ، ومن الرفات جيران» (٢).
* س ٦ : ما هو معنى قوله تعالى :
(فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ)(١٦) [سورة فصّلت : ١٦]؟!
الجواب / قال علي بن إبراهيم : وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، في قوله تعالى : (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً) : «والصرصر : الريح الباردة (فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ) أي أيام مياشيم» (٣).
وقال أبو بصير : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : قوله عزوجل : (عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) ما هو؟ فقال : «وأي خزي أخزى ـ يا أبا بصير ـ من أن يكون الرجل في بيته ، وحجلته على خوانه وسط عياله ، إذ شق أهله
__________________
(١) كمال الدين وتمام النعمة : ص ١٣٦ ، ح ٥.
(٢) نهج البلاغة : ص ١٦٦ ، الخطبة ١١١.
(٣) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٦٣.