الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١٧) ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (١٨) إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَاللهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ (١٩) هذا بَصائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (٢٠) [سورة الجاثية : ١٦ ـ ٢٠]؟!
الجواب / قال الشيخ الطبرسي : لما تقدم ذكر النعمة ، ومقابلتهم إياها بالكفر والطغيان ، بين عقيب ذلك ذكر ما كان من بني إسرائيل أيضا في مقابلة النعم من الكفران ، فقال : (وَلَقَدْ آتَيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ) يعني التوراة (وَالْحُكْمَ) يعني العلم بالدين. وقيل : العلم بالفصل بين الخصمين ، وبين المحق والمبطل (وَالنُّبُوَّةَ) أي وجعلنا فيهم النبوة حتى روي أنه كان فيهم ألف نبي. (وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) أي وأعطيناهم من أنواع الطيبات (وَفَضَّلْناهُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) أي عالمي زمانهم. وقيل : فضلناهم في كثرة الأنبياء منهم على سائر الأمم ، وإن كانت أمة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم أفضل منهم في كثرة المطيعين لله ، وكثرة العلماء منهم ، كما يقال : هذا أفضل في علم النحو ، وذاك في علم الفقه. فأمة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم أفضل في علو منزلة نبيها عند الله على سائر الأنبياء ، وكثرة المجتبين الأخيار من آله وأمته ، والفضل : الخير الزائد على غيره. فأمة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم أفضل بفضل محمد وآله. (وَآتَيْناهُمْ بَيِّناتٍ مِنَ الْأَمْرِ) أي أعطيناهم دلالات وبراهين واضحات من العلم بمبعث محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وما بين لهم من أمره وقيل : يريد بالأمر أحكام التوراة. (فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ) أي من بعد ما أنزل الله الكتب على أنبيائهم ، وأعلمهم بما فيها (بَغْياً بَيْنَهُمْ) أي طلبا للرئاسة ، وأنفة من الإذعان للحق. وقيل : بغيا على محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم في جحود ما في كتابهم من نبوته وصفته. (إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) ظاهر المعنى. (ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى