حجب النور : (ما زاغَ الْبَصَرُ). يقول : ما عمي البصر عن تلك الحجب (وَما طَغى) يقول : وما طغى القلب بزيادة فيما أوحي إليه ، ولا نقصان : (لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى) يقول : لقد سمع كلاما لو لا أنه قوي ما قوي (١).
ثم قال علي بن إبراهيم في قوله تعالى : (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى) قال : في السماء السابعة ، وأمّا الرد على من أنكر خلق الجنة والنار ، فقوله تعالى : (عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى) أي عند سدرة المنتهى في السماء السابعة. وجنة المأوى عندها (٢).
وقال صفوان بن يحيى : سألني أبو قرة المحدث أن أدخله على أبي الحسن الرضا عليهالسلام ، فاستأذنته في ذلك ، فأذن لي ، فدخل عليه ، فسأله عن الحلال والحرام والأحكام حتى بلغ سؤاله إلى التوحيد ، فقال أبو قرة : إنا روينا أن الله قسم الرؤية والكلام بين نبيّين ، فقسم الكلام لموسى ، ولمحمد الرؤية.
فقال أبو الحسن عليهالسلام : «فمن المبلغ عن الله إلى الثقلين من الجنّ والإنس : لا تدركه الأبصار ، ولا يحيطون به علما ، وليس كمثله شيء ، أليس محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ قال : بلى. قال : كيف يجيء رجل إلى الخلق جميعا فيخبرهم أنه جاء من عند الله ، وأنه يدعوهم إلى الله بأمر الله فيقول : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ)(٣) و (وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً)(٤) ، و (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)(٥) ، ثم يقول : أنا رأيته بعيني ، وأحطت به علما ، وهو على صورة البشر؟! أما تستحيون ، ما قدرت الزنادقة أن ترميه بهذا ، أن يكون يأتي من عند الله بشيء
__________________
(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٣٣٤.
(٢) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٣٣٥.
(٣) الأنعام : ١٠٣.
(٤) طه : ١١٠.
(٥) الشورى : ١١.