المسيح عليهالسلام لهم : إنه سوف يأتي من بعدي نبي اسمه أحمد من ولد إسماعيل عليهالسلام ، يجيء بتصديقي وتصديقكم وعذري وعذركم ، وجرت من بعده في الحواريين في المستحفظين ، وإنما سماهم الله عزوجل المستحفظين لأنهم استحفظوا الاسم الأكبر ، وهو الكتاب الذي يعلم به علم كل شيء ، الذي كان مع الأنبياء (صلوات الله عليهم) يقول الله عزوجل : (ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وأنزلنا معهم الكتاب والميزان) (١) الكتاب : الاسم الأكبر ، وإنما عرف مما يدعى الكتاب التوراة والإنجيل والفرقان ، فيها كتاب نوح عليهالسلام ، وفيها كتاب صالح وشعيب وإبراهيم عليهمالسلام فأخبر الله عزوجل : (إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى)(٢) وأين صحف إبراهيم؟ إنما صحف إبراهيم الاسم الأكبر ، وصحف موسى الاسم الأكبر.
فلم تزل الوصية في عالم بعد عالم ، حتى دفعوها إلى محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلما بعث الله عزوجل محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم أسلم له العقب من المستحفظين ، وكذبه بنو إسرائيل ، ودعا إلى الله عزوجل ، وجاهد في سبيله ، ثم أنزل الله جل ذكره عليه : أن أعلن فضل وصيّك. فقال : [رب] إن العرب قوم جفاة ، لم يكن فيهم كتاب ، ولم يبعث إليهم نبيّ ، ولا يعرفون نبوّة الأنبياء ولا شرفهم ، ولا يؤمنون بي إن أنا أخبرتهم بفضل أهل بيتي ، فقال الله جلّ ذكره : (وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ)(٣) (وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ)(٤) فذكر من فضل وصيّه ذكرا ، فوقع النفاق في قلوبهم ، فعلم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ذلك وما يقولون ، فقال الله جلّ ذكره : ولقد نعلم أنه يضيق صدرك بما يقولن فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين
__________________
(١) لم ترد هذه الآية بهذا الوجه في القرآن.
(٢) الأعلى : ١٨ ، ١٩.
(٣) النحل : ١٢٧.
(٤) الزخرف : ٨٩.