بآيات الله يجحدون (١) لكنهم يجحدون بغير حجة لهم.
وكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يتألفهم ويستعين ببعضهم على بعض ، ولا يزال يخرج لهم شيئا في فضل وصيّه حتى [نزلت] هذه السورة ، فاحتّج عليهم حين أعلم بموته ونعيت إليه نفسه ، فقال الله عزّ ذكره : (فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ)(٢) يقول : إذا فرغت فانصب علمك وأعلن وصّيك ، فأعلمهم فضله علانية ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ـ ثلاث مرات ـ ثم قال : لأبعثن رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، ليس بفرار ـ يعرض بمن رجع يجبن أصحابه ويجبنونه ـ وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : علي سيد المؤمنين. وقال : علي عمود الدين ، وقال : هذا هو الذي يضرب الناس بالسيف على الحق بعدي. وقال : الحق مع علي أينما مال. وقال : إني تارك فيكم أمرين ، إن أخذتم بهما لن تضلوا : كتاب الله عزوجل ، وأهل بيتي عترتي. أيها الناس : اسمعوا وقد بلّغت ، إنكم ستردون علي الحوض ، فأسألكم عما فعلتم في الثقلين ، [و] الثّقلان : كتاب الله جل ذكره وأهل بيتي ، فلا تسبقوهم فتهلكوا ،. ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم. فوقعت الحجة بقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وبالكتاب الذي يقرأه الناس.
فلم يزل يلقي فضل أهل بيته بالكلام ويبين لهم بالقرآن : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)(٣) ، وقال عزّ ذكره :
__________________
(١) لم ترد هذه الآية بهذا الوجه في القرآن ، بل الذي في سورة الحجر الآية ٩٧ و ٩٨ : (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ) ، وفي سورة الأنعام الآية ٣٣ : (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ).
(٢) الانشراح : ٧ ، ٨.
(٣) الأحزاب : ٣٣.