وَرُسُلِهِ) أي وكم من أهل قرية عتوا على الله وعلى أنبيائه ، يعني جاوزوا الحد في العصيان والمخالفة. (فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً) بالمناقشة والاستقصاء باستيفاء الحق وإيفائه. قال مقاتل : حاسبها الله تعالى بعملها في الدنيا ، فجازاها بالعذاب ، وهو قوله (وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً) فجعل المجازاة بالعذاب محاسبة وهو عذاب الاستئصال. وقيل : هو عذاب النار. فإن اللفظ ماض بمعنى المستقبل. والنكر. المنكر الفظيع الذي لم ير مثله. وقيل : إن في الآية تقديما وتأخيرا تقديره : فعذبناها في الدنيا بالجوع ، والقحط ، والسيف ، وسائر المصائب والبلايا ، وحاسبناها في الآخرة حسابا شديدا. وقيل : الحساب الشديد هو الذي ليس فيه عفو.
(فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها) أي ثقل عاقبة كفرها (وَكانَ عاقِبَةُ أَمْرِها خُسْراً) أي خسرانا في الدنيا والآخرة. وهو قوله (أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً) يعني عذاب النار. وهذا يدل على أن المراد بالعذاب الأول عذاب الدنيا. ثم ، قال : (فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ) أي يا أصحاب العقول ، ولا تفعلوا مثل ما فعل أولئك ، فينزل بكم مثل ما نزل بهم. ثم وصف أولي الألباب بقوله : (الَّذِينَ آمَنُوا) وخص المؤمنين بالذكر ، لأنهم المنتفعون بذلك دون الكفار. ثم ابتدأ سبحانه فقال : (قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً) يعني القرآن. وقيل : يعني الرسول وروي ذلك عن أبي عبد الله عليهالسلام. (رَسُولاً) إذا كان المراد به الوجه الأول ، وهو أن يكون بدلا من ذكرا والمراد به النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أو جبرائيل عليهالسلام ، فيجوز أن يكون المراد بالذكر الشرف أي : ذا ذكر رسولا (يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ مُبَيِّناتٍ) أي واضحات (لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنَ الظُّلُماتِ) أي من ظلمات الكفر (إِلَى النُّورِ) أي : نور الإيمان. وقيل : من ظلمات الجهل إلى نور العلم. وإنما شبه الإيمان بالنور لأنه يؤدي إلى نور القبر والقيامة والجنة ، وشبه الكفر بالظلمة لأنه يؤدي إلى