" وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ الْعُلَمَاءُ ثَلَاثَةٌ رَجُلٌ بِالشَّامِ يَعْنِي نَفْسَهُ وَرَجُلٌ بِالْكُوفَةِ يَعْنِي عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ وَرَجُلٌ بِالْمَدِينَةِ يَعْنِي عَلِيّاً فَالَّذِي بِالشَّامِ يَسْأَلُ الَّذِي بِالْكُوفَةِ وَالَّذِي بِالْكُوفَةِ يَسْأَلُ الَّذِي بِالْمَدِينَةِ وَالَّذِي بِالْمَدِينَةِ لَا يَسْأَلُ أَحَداً.
وَمِنَ الْمُسْنَدِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ قَالَ رَأَيْتُ عَلِيّاً علیهما السلام أُتِيَ بِدَابَّةٍ لِيَرْكَبَهَا فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الرِّكَابِ قَالَ بِسْمِ اللهِ فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَيْهَا قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ (الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ) ثُمَّ حَمِدَ اللهَ ثَلَاثاً وَكَبَّرَ ثَلَاثاً ثُمَّ قَالَ سُبْحَانَكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ قَدْ (ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي) ثُمَّ ضَحِكَ فَقُلْتُ مِمَّا ضَحِكْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلْتُ ثُمَّ ضَحِكَ فَقُلْتُ مِمَّا ضَحِكْتَ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ يُعْجِبُ الرَّبُّ مِنْ عَبْدِهِ إِذَا قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَيَقُولُ عَلِمَ عَبْدِي أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ غَيْرِي.
وَرَوَى الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم قَالَ لِعَلِيٍّ يَوْماً مَرْحَباً بِسَيِّدِ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامِ الْمُتَّقِينَ ، وقال ابن طلحة وإذا وصفه بكونه إمام أهل التقوى كان مقدما عليهم بزيادة تقواه والتقوى ثابتة له بصفة الزيادة على غيره من المتقين وأما زهده في الدنيا فقد ذكرنا في الفصل المعقود له ما فيه غنية وكفاية فيلزم من حصول صفة التقوى وصفة الزهد له أن يترتب عليهما مقتضاهما من حصول العلم المفاض على قلبه من غير دراسة بل بتعليم الله تعالى إياه.
وقال ابن طلحة في الفصل الذي أفرده في فضله وعلمه هذا فصل في أرجائه مجال المقال واسع ولسان البيان ضارع (١) وثاقب المناقب لامع وفجر المآثر طالع ومراح الامتداح جامع وفضاء الفضائل شاسع (٢) فهو لمن تمسك بهداه نافع ولمن تمسك بعراه رافع فيا له من فضل فضل كئوس ينبوعه لذة للشاربين ودروس مضمونه مفرحة للكرام الكاتبين وغروس مستودعه من مستحسنات حسنات المقربين يعظم عند التحقيق قدر وقعه ويعم أهل التوفيق شمول نفعه ويتم أجر
________________
(١) الضارع:الضعيف النحيف.
(٢) شسع المنزل:بعد.