مؤلفه بجمعه وهو لمن وقف عليه قيد بصره وسمعه ولم أورد فيه ما يصل إليه وارد الاضطراب ولا أودعته ما يدخل عليه زائد الارتياب ولا ضمنه غثا تمجه أصداف الأسماع ولا غثاء تقذفه أصناف الألباب بل مرتب له أخلاف رواية الخلف عن السلف حتى اكتنف بزبد الأوطاب ونظمت فيه جواهر در صرحت بها ألسن السنن ونطقت بها آيات الكتاب وقررته بأدلة نظر محكمة الأسباب بالصواب هامية السحاب بالمحاب ومفتحة الأبواب للطلاب مثمرة إن شاء الله لجامعها جميل الثناء وجزيل الثواب فمن ذلك قوله تعالى وتقدس (لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ) (٣)
رَوَى الْإِمَامُ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ الثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ يَرْفَعُهُ بِسَنَدِهِ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ (وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ) قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم لِعَلِيٍّ علیهما السلام سَأَلْتُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَهَا أُذُنَكَ يَا عَلِيُّ قَالَ عَلِيٌّ فَمَا نَسِيتُ شَيْئاً بَعْدَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ لِي أَنْ أَنْسَى.
وَرَوَى الثَّعْلَبِيُّ وَالْوَاحِدِيُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَرْفَعُهُ بِسَنَدِهِ الثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ وَالْوَاحِدِيُّ فِي تَصْنِيفِهِ الْمَوْسُومِ بِأَسْبَابِ النُّزُولِ إِلَى بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ لِعَلِيٍّ إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أُدْنِيَكَ وَلَا أُقْصِيَك وَأَنْ أُعَلِّمَكَ وَأَنْ تَعِيَ وَحَقٌّ عَلَى اللهِ أَنْ تَعِيَ قَالَ فَنَزَلَتْ (وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ).
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) رَوَاهُ الْمَذْكُورَانِ فِي تَفْسِيرِهِمَا أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ علیهما السلام وَفِي الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ أَخِي عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لِأُمِّهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَهُمَا تَنَازُعٌ فِي شَيْءٍ
________________
(١) مج الشراب والشيء من فيه:رمى به. وقولهم«هذا كلام تمجه الاسماع» اى تقذفه وتستكرهه انما هو على الاستعارة من مج الشراب.
(٢) الزبد ـ كصرد ـ :ما يستخرج من اللبن بالمخض. والاوطاب جمع الوطب: الثدى.
(٣) الحاقة : ١٢.
(٤) السجدة ١٨.