فَقَالَ الْوَلِيدُ لِعَلِيٍّ علیهما السلام اسْكُتْ فَإِنَّكَ صَبِيٌّ وَأَنَا وَاللهِ أَبْسَطُ مِنْكَ لِسَاناً وَأَحَدُّ سِنَاناً وَأَمْلَأُ لِلْكَتِيبَةِ مِنْكَ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ علیهما السلام اسْكُتْ فَإِنَّكَ فَاسِقٌ فَأَنْزَلَ اللهُ سُبْحَانَهُ تَصْدِيقاً لِعَلِيٍ (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) يَعْنِي بِالْمُؤْمِنِ عَلِيّاً وَبِالْفَاسِقِ الْوَلِيدَ وكفى بهذه القصة شهادة من الله عز وعلا ـ لعلي بكمال فضيلته وإنزاله قرآنا يتلى على الأبد بتصديق مقالته ووصفه إياه بالإيمان الذي هو عنوان عمله ونتيجة معرفته وقد نظم هذه القصة حسان بن ثابت فقال :
أنزل الله والكتاب عزيز |
|
في علي وفي الوليد قرآنا |
فتبوأ الوليد من ذاك فسقا |
|
وعلي مبوأ إيمانا |
ليس من كان مؤمنا عرف الله |
|
كمن كان فاسقا خوانا |
سوف يجزى الوليد خزيا ونارا |
|
وعلي لا شك يجزى جنانا |
فعلي يلقى لدى الله عزا |
|
ووليد يلقى هناك هوانا |
وفشت هذه الأبيات من قول حسان وهذا الوليد جده أبو معيط كان أبوه ذكوان يقول إنه ابن أمية بن عبد شمس وقيل لم يكن ابنه بل كان عبده فاستخلفه (١) فكان ينسب إلى غير أبيه وأسلم يوم فتح مكة وولاه عثمان الكوفة في خلافته إذ كان أخاه لأمه فبقي واليا يشرب الخمر حتى صلى الفجر في مسجدها بالناس أربع ركعات وهو سكران ثم قال أزيدكم وروي أنه قاء في المحراب وعرف الناس ذلك وقال الحطيئة فيه :
شهد الحطيئة يوم يلقى ربه |
|
أن الوليد معاقر الخمر |
الأبيات بتمامها وقصته وأخذ الحد منه معلوم واشتهر حاله وظهر فسقه وعزل عن الكوفة ومات بالرقة (٣) فانظر إلى الحكمة الإلهية التي هي سر هذه القضية فإنه حيث أخبر علي علیهما السلام بفسقه أظهره الله ذلك للناس من عالم الغيب إلى عالم
________________
(١) في نسخة «فاستلحقه».
(٢) عاقر الخمر:ادمن شربها.
(٣) مدينة مشهورة على الفرات.