الشهادة ومن الخبر إلى المعاينة فكان الخمر جامعا لأسباب الفسوق وسوء السمعة ثم أخذ الحد منه على رءوس الأشهاد ليتحقق له ما وصفه به أمير المؤمنين علیهما السلام وإذا ثبتت هذه الصفة للوليد تعين ثبوت الصفة الأخرى لعلي علیهما السلام وهي الإيمان.
وَمِنْ ذَلِكَ مَا نَقَلَهُ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ الْبَغَوِيُّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم لَمَّا خَصَّصَ جَمَاعَةً مِنَ الصَّحَابَةِ كُلَّ وَاحِدٍ بِفَضِيلَةٍ خَصَّصَ عَلِيّاً علیهما السلام بِعِلْمِ الْقَضَاءِ فَقَالَ وَأَقْضَاهُمْ عَلِيٌ وقد صدع هذا الحديث بمنطوقه وصرح بمفهومه أن أنواع العلم وأقسامه قد جمعها لعلي دون غيره فإن كل واحد ممن اختص بصفة لا يتوقف حصولها على غيرها من الصفات والفضائل فَإِنَّهُ صلی الله علیه وسلم قَالَ أَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَقْرَؤُهُمْ أُبَيٌّ وَأَعْرَفُهُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وكل واحدة من هذه لا تفتقر إلى غيرها بخلاف علم القضاء وقد حصلت لعلي بصيغة أفعل وهي تقتضي وجود أصل ذلك الوصف وزيادة فيه على غيره والمتصف بها يجب أن يكون كامل العقل صحيح التمييز جيد الفطنة بعيدا عن السهو والغفلة يتوصل بفطنته إلى وضوح ما أشكل وفصل ما أعضل ذا عدالة تحجزه عن أن يحوم حول حمى المحارم ومروة تحمله على محاسن الشيم ومجانبة الدنايا صادق اللهجة ظاهر الأمانة عفيفا عن المحظورات مأمونا في السخط والرضا عارفا بالكتاب والسنة والإتقان للاختلاف والقياس ولغة العرب ليقدم المحكم على المتشابه والخاص على العام والمبين على المجمل والناسخ على المنسوخ ويبني المطلق على المقيد ويقضي بالتواتر دون الآحاد والمسند دون المرسل والمتصل دون المنقطع وبالإتقان دون الاختلاف ويعرف أنواع الأقيسة من الجلي والواضح والخفي ليتوصل بها إلى الأحكام ويعرف أقسام الأحكام من الواجب والمحظور والمندوب والمكروه ولا يتصف بالقضاء من لم يجمع هذه الأمور ويستولي على الأمد والغاية فيها.