يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ). (١)
فأنكروا التنزيل على ما نطق به القرآن المجيد (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ) (٢) فتعين قتالهم إلى أن يؤمنوا فقاتلهم رسول الله صلی الله علیه وسلم إلى أن دخلوا (فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً) فهذا بيان القتال على تنزيله.
وأما تأويله فهو تفسيره وما يئول إليه آخر مدلوله فمن حمل القرآن على معناه الذي يقتضيه لفظه من مدلول الخطاب وفسره بما يتأوله من معانيه المرادة به فقد أصاب سنن الصواب ومن صدف عن ذلك وصرفه عن مدلوله ومقتضاه وحمله على غير ما أريد به مما يوافق هواه وتأوله بما يضل به عن نهج هداه معتقدا أن مجمله الذي ادعاه ومقصده الذي افتراه فنحاه هو المدلول الذي أراده الله فقد ألحد في القرآن حيث مال به عن مدلوله وسلك غير سبيله وخالف فيه أئمة الهدى واتبع داعي الهوى فتعين قتاله إن أصر على ضلالته ودام على مخالفته واستمر على جهالته وتمادى في مقالته إلى أن يفيء إلى أمر الله وطاعته ولهذا جعل رسول الله صلی الله علیه وسلم القتال على تأويله كالقتال على تنزيله فقاتل النبي صلی الله علیه وسلم من جريمته أقوى لموضع النبوة ووكل قتال من جريمته دون تلك إلى الإمام إذ كانت الإمامة فرع النبوة فقاتلهم علي علیهما السلام بعهد من النبي صلی الله علیه وسلم إليه ولقد كان يصرح بذلك في يوم قتالهم وعند سؤاله عن ذي الثدية وإخراجه من بين القتلى وَيَقُولُ : وَاللهِ مَا كَذَبْتُ وَلَا كُذِبْتُ.
وهذا بتمامه نذكره عند ذكرنا لحروبه صلی الله علیه وسلم وما وجده من اختلاف الأمة عليه علیهما السلام وتظاهرهم على منابذته ومحاربته وشق العصا عليه وسبه على المنابر والتبري منه وتتبع أولاده وشيعته من بعده وقتلهم وإخافتهم في كل ناحية وقطر والتقرب
________________
(١) لقمان : ٣٢.
(٢) الأنعام : ٩١.