مِنَ الدُّخُولِ عَلَيْهِ فَدَخَلَ عَلِيٌّ فَاسْتَأْذَنَ النَّبِيُّ علیهما السلام فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ فَجَلَسَ عِنْدَ رَأْسِ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم ثُمَّ قَالَ يَا نَبِيَّ اللهِ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكَ قَالَ وَأَيُّ رُسُلِ اللهِ أَنْتَ قَالَ أَنَا مَلَكُ الْمَوْتِ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ نُخَيِّرُكَ بَيْنَ لِقَائِهِ وَالرُّجُوعِ إِلَى الدُّنْيَا فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم فَأَمْهِلْنِي حَتَّى يَنْزِلَ جَبْرَئِيلُ فَأَسْتَشِيرُهُ وَنَزَلَ جَبْرَئِيلُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ الْآخِرَةُ (خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) لِقَاءُ اللهِ خَيْرٌ لَكَ فَقَالَ علیهما السلام لِقَاءُ رَبِّي خَيْرٌ لِي فَامْضِ لِمَا أُمِرْتَ بِهِ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ لِمَلَكِ الْمَوْتِ لَا تَعْجَلْ حَتَّى أَعْرُجَ إِلَى السَّمَاءِ [رَبِّي] وَأَهْبِطَ قَالَ مَلَكُ الْمَوْتِ علیهما السلام لَقَدْ صَارَتْ نَفْسُهُ فِي مَوْضِعٍ لَا أَقْدِرُ عَلَى تَأْخِيرِهَا فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ جَبْرَئِيلُ يَا مُحَمَّدُ هَذَا آخِرُ هُبُوطِي إِلَى الدُّنْيَا إِنَّمَا كُنْتَ أَنْتَ حَاجَتِي فِيهَا.
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ بَيْتِهِ وَأَصْحَابُهُ فِي دَفْنِهِ فَقَالَ عَلِيٌّ علیهما السلام إِنَّ اللهَ لَمْ يَقْبِضْ رُوحَ نَبِيِّهِ إِلَّا فِي أَطْهَرِ الْبِقَاعِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُدْفَنَ حَيْثُ قُبِضَ فَأَخَذُوا بِقَوْلِهِ.
وَرَوَى الْجُمْهُورُ مَوْتَهُ فِي الْإِثْنَيْنِ ثَانِيَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ قَالُوا وُلِدَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ وَبُعِثَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ وَقُبِضَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ آنِفاً وَدُفِنَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَدَخَلَ إِلَيْهِ الْعَبَّاسُ وَعَلِيٌّ وَالْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ وَقِيلَ وَقُثَمُ أَيْضاً وَقَالَتْ بَنُو زُهْرَةَ نَحْنُ أَخْوَالُهُ فَأَدْخِلُوا مِنَّا وَاحِداً فَأَدْخَلُوا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَيُقَالُ دَخَلَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ أَنَا أَقْرَبُكُمْ عَهْداً بِهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ أَلْقَى خَاتَمَهُ فِي الْقَبْرِ وَنَزَلَ لِيَسْتَخْرِجَهُ وَلَحَدَهُ أَبُو طَلْحَةَ وَأَلْقَى الْقَطِيفَةَ تَحْتَهُ شُقْرَانُ (١).
قَالَ صَاحِبُ كِتَابِ التَّنْوِيرِ ذُو النَّسَبَيْنِ بَيْنَ دِحْيَةَ وَالْحُسَيْنِ لَا شَكَّ أَنَّهُ تُوُفِّيَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ السِّيَرِ وَالتَّوَارِيخِ فَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً وَهَذَا بَاطِلٌ بِيَقِينٍ وَأُصُولِ الْعِلْمِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا أَهْلُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مُخَالِفٌ لَهُ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْوَقْفَةَ بِعَرَفَاتٍ فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ كَانَتْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَيَكُونُ أَوَّلُ ذِي الْحِجَّةِ الْخَمِيسَ فَيَكُونُ أَوَّلُ الْمُحَرَّمِ الْجُمُعَةَ أَوِ السَّبْتِ فَإِنْ كَانَ الْجُمُعَةَ فَصَفَرٌ إِمَّا السَّبْتُ أَوِ الْأَحَدِ وَإِنْ كَانَ السَّبْتَ فَصَفَرٌ إِمَّا الْأَحَدُ أَوِ الْإِثْنَيْنِ فَإِنْ كَانَ أَوَّلُ صَفَرٍ السَّبْتَ
________________
(١) شقران كعثمان : مولى رسول الله (صلی الله علیه وسلم) واسمه صالح مات في خلافة عثمان