دَمْعَتِي (١) عَلَيْهِ إِنْ هَرَقْتُهَا عَلَيْهِ قَتَلَ الْأَبْطَالَ وَبَارَزَ الْأَقْرَانَ وَكَانَتْ مَنِيَّتُهُ عَلَى يَدِ كَرِيمِ قَوْمِهِ مَا سَمِعْتُ أَفْخَرَ مِنْ هَذَا يَا بَنِي عَامِرٍ وَأَنْشَدَتِ الْبَيْتَيْنِ لَوْ كَانَ قَاتِلُ عَمْرٍو غَيْرَ قَاتِلِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَتَا وَقَالَتْ أَيْضاً تَرْثِي أَخَاهَا وَتَذْكُرُهُ وَعَلِيّاً علیهما السلام :
أَسَدَانِ فِي ضِيقِ الْمَكَرِّ تَصَاوَلَا |
|
فَكِلَاهُمَا كُفْوٌ كَرِيمٌ بَاسِلٌ (٢) |
فَتَخَالَسَا مُهَجَ النُّفُوسِ كِلَاهُمَا |
|
وَسَطَ الْمَدَارِ مُحَامِلٌ وَمُقَاتِلٌ (٣) |
وَكِلَاهُمَا حَضَرَ الْقِرَاعَ حَفِيظَةٌ |
|
لَمْ يَثْنِهِ عَنْ ذَاكَ شُغُلٌ شَاغِلٌ |
فَاذْهَبْ عَلِيُّ فَمَا ظَفِرْتَ بِمِثْلِهِ |
|
قَوْلٌ سَدِيدٌ لَيْسَ فِيهِ تَحَامُلٌ |
فَالثَّارُ عِنْدِي يَا عَلِيُّ لَوْ أَنَّنِي |
|
أَدْرَكْتُهُ وَالْعَقْلُ مِنِّي كَامِلٌ |
ذَلَّتْ قُرَيْشٌ بَعْدَ مَقْتَلِ فَارِسٍ |
|
وَالذُّلُّ مَهْلَكُهَا وَخِزْيٌ شَامِلٌ |
ثُمَّ قَالَتْ وَاللهِ لَا ثَأَرَتْ قُرَيْشٌ بِأَخِي مَا حَنَّتِ النِّيبُ(٤)
فصل : وَلَمَّا انْهَزَمَ الْأَحْزَابُ وَوَلَّوْا عَنِ الْمُسْلِمِينَ عَمِلَ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم عَلَى قَصْدِ بَنِي قُرَيْظَةَ وَأَنْفَذَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیهما السلام فِي ثَلَاثِينَ مِنَ الْخَزْرَجِ وَقَالَ لَهُ انْظُرْ بَنِي قُرَيْظَةَ هَلْ تَرَكُوا حُصُونَهُمْ فَلَمَّا شَارَفَهَا سَمِعَ مِنْهُمُ الْهَجَرَ (٥) فَرَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ دَعْهُمْ فَإِنَّ اللهَ سَيُمْكِنُ مِنْهُمْ إِنَّ الَّذِي أَمْكَنَكَ مِنْ عَمْرٍو لَا يَخْذُلُكَ فَقِفْ حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ إِلَيْكَ وَأَبْشِرْ بِنَصْرِ اللهِ فَإِنَّ اللهَ قَدْ نَصَرَنِي بِالرُّعْبِ بَيْنَ يَدَيْ مَسِيرَةِ شَهْرٍ قَالَ عَلِيٌّ فَاجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَيَّ وَسِرْتُ حَتَّى دَنَوْتُ مِنْ سَوْرِهِمْ فَأَشْرَفَ عَلَيَّ شَخْصٌ مِنْهُمْ وَنَادَى قَدْ جَاءَكُمْ قَاتِلُ عَمْرٍو وَقَالَ آخَرُ كَذَلِكَ وَتَصَايَحُوا بِهَا بَيْنَهُمْ وَأَلْقَى اللهَ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِهِمْ وَسَمِعْتُ رَاجِزاً يَرْجُزُ
قَتَلَ عَلِيٌّ عَمْراً |
|
صَادَ عَلِيٌّ صَقْراً |
________________
(١) رقا رقأ الدمع : سكن وجف.
(٢) تصاولا : تواثبا. والباسل : الشجاع البطل.
(٣) تخالسا القرنان : اي يروم كل منهما قتل صاحبه.
(٤) النيب جمع ناب وهي الناقة المسنة. يقال : لا افعله ما حنت النيب اي ابدا.
(٥) قال الجوهريّ : الهجر : الهذيان والهجر : الاسم من الاهجار وهو الافحاش في المنطق.