المناسبة والمدح على قوله وَكَانَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم أَعْطَى الْعَبَّاسَ بْنَ مِرْدَاسٍ أَرْبَعَةً مِنَ الْإِبِلِ يَوْمَئِذٍ فَسَخِطَهَا وَقَالَ يَوْمَئِذٍ :
أَتَجْعَلُ نَهْبِي وَنَهْبَ الْعَبِيدِ |
|
بَيْنَ عُيَيْنَةَ وَالْأَقْرَعِ (١) |
وَمَا كَانَ حِصْنٌ وَلَا حَابِسٌ |
|
يَفُوقَانِ شَيْخِي فِي مَجْمَعٍ |
وَمَا كُنْتُ دُونَ امْرِئٍ مِنْهُمْ |
|
وَمَنْ يُوضَعُ الْيَوْمَ لَا يُرْفَعُ |
فَبَلَغَ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم ذَلِكَ فَأَحْضَرَهُ وَقَالَ أَنْتَ الْقَائِلُ أَتَجْعَلُ نَهْبِي وَنَهْبَ الْعَبِيدِ بَيْنَ الْأَقْرَعِ وَعُيَيْنَةَ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي لَسْتَ بِشَاعِرٍ قَالَ وَكَيْفَ قَالَ قَالَ بَيْنَ عُيَيْنَةَ وَالْأَقْرَعِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیهما السلام قُمْ يَا عَلِيُّ إِلَيْهِ فَاقْطَعْ لِسَانَهُ قَالَ فَقَالَ الْعَبَّاسُ فَوَ اللهِ لَهَذِهِ الْكَلِمَةُ كَانَتْ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ يَوْمِ خَثْعَمٍ حِينَ أَتَوْنَا فِي دِيَارِنَا فَانْطَلَقَ بِي وَإِنِّي لَأَوَدُّ أَنْ أُخْلِصَ مِنْهُ فَقُلْتُ أَتَقْطَعُ لِسَانِي قَالَ إِنِّي مُمْضٍ فِيكَ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَمَا زَالَ حَتَّى أَدْخَلَنِي الْحَظَائِرَ (٢) وَقَالَ خُذْ مَا بَيْنَ أَرْبَعٍ إِلَى مِائَةٍ فَقُلْتُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي مَا أَكْرَمَكُمْ وَأَحْلَمَكُمْ وَأَعْلَمَكُمْ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم أَعْطَاكَ أَرْبَعاً وَجَعَلَكَ مَعَ الْمُهَاجِرِينَ فَإِنْ شِئْتَ فَخُذْهَا وَإِنْ شِئْتَ فَخُذِ الْمِائَةَ وَكُنْ مَعَ أَهْلِ الْمِائَةِ قَالَ قُلْتُ أَشَرٌّ عَلَيَّ قَالَ إِنِّي آمُرُكَ أَنْ تَأْخُذَ مَا أَعْطَاكَ وَتَرْضَى قُلْتُ فَإِنِّي أَفْعَلُ وَلَمَّا قَسَمَ صلی الله علیه وسلم غَنَائِمَ حُنَيْنٍ جَاءَ رَجُلٌ طُوَالٌ آدَمُ أَحْنَى الْأُدْمَةُ السُّمْرَةُ وَرَجُلٌ أَحْنَى الظَّهْرِ وَامْرَأَةٌ حَنْيَاءُ وَحَنَاءٌ فِي ظَهْرِهَا احْدِيدَابٌ وَالطُّولُ بِالضَّمِّ الطَّوِيلُ فَإِذَا فَرَطَ قِيلَ طَوَّالٌ شُدِّدَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ أَثَرُ السُّجُودِ فَسَلَّمَ وَلَمْ يَخُصَّ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم ثُمَّ قَالَ رَأَيْتُكَ وَمَا صَنَعْتَ فِي هَذِهِ الْغَنَائِمِ فَقَالَ وَكَيْفَ رَأَيْتَ قَالَ لَمْ أَرَكَ عَدَلْتَ فَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ وَقَالَ وَيْلَكَ
________________
(١) عينية بن حصن ، والأقرع بن حابس من أهل مكّة ومن جملة المؤلّفة قلوبهم وقد كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم أعطاهما أكثر ممّا أعطاه العباس بن مرداس.
(٢) الخطيرة : الموضع الذي يحاط عليه لتأوى إليه الغنم والإبل وسائر الماشية يقيها البرد والريح.