وَضَرَبَهُ فَقَتَلَهُ وَهَزَمَ جَمْعَهُ وَكَسَرَ الْأَصْنَامَ وَعَادَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَهُوَ عَلَى الطَّائِفِ فَخَلَا بِهِ وَنَاجَاهُ طَوِيلاً قَالَ جَابِرٌ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَتُنَاجِيهِ وَتَخْلُو بِهِ دُونَنَا فَقَالَ يَا عُمَرُ مَا أَنَا انْتَجَيْتُهُ وَلَكِنَّ اللهَ انْتَجَاهُ وَخَرَجَ مِنْ حِصْنِ الطَّائِفِ نَافِعُ بْنُ غَيْلَانَ فِي خَيْلٍ مِنْ ثَقِيفٍ فَلَقِيَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِبَطْنِ وَجٍّ فَقَتَلَهُ وَانْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ وَدَخَلَهُمُ الرُّعْبُ فَنَزَلَ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ وَأَسْلَمُوا وَكَانَ حِصَارُ الطَّائِفِ بَضْعَةَ عَشَرَ يَوْماً.
ثُمَّ كَانَتْ غَزْوَةُ تَبُوكَ
فَأَمَرَ اللهُ رَسُولَهُ بِالْخُرُوجِ إِلَيْهَا بِنَفْسِهِ وَأَنْ يَسْتَنْفِرَ النَّاسَ لِلْخُرُوجِ إِلَيْهَا وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ فِيهَا إِلَى حَرْبٍ وَلَا يُمْنَى فِيهَا بِقِتَالِ عَدُوٍّ وَأَنَّ الْأُمُورَ تَنْقَادُ لَهُ بِغَيْرِ سَيْفٍ وَتَعَبَّدَهُ بِامْتِحَانِ أَصْحَابِهِ بِالْخُرُوجِ مَعَهُ وَاخْتِبَارِهِمْ لِيَتَمَيَّزُوا بِذَلِكَ وَكَانَ الْحَرُّ قَوِيّاً وَقَدْ أَيْنَعَتْ ثِمَارُهُمْ (١) فَأَبْطَأَ أَكْثَرُهُمْ عَنْ طَاعَتِهِ رَغْبَةً فِي الْعَاجِلِ وَحِرْصاً عَلَى الْمَعِيشَةِ وَإِصْلَاحِهَا وَخَوْفاً مِنَ الْقَيْظِ وَبُعْدِ الْمَسَافَةِ وَلِقَاءِ الْعَدُوِّ وَنَهَضَ بَعْضُهُمْ عَلَى اسْتِثْقَالِ النُّهُوضِ وَتَخَلَّفَ آخَرُونَ وَاسْتُخْلِفَ عَلِيٌّ علیهما السلام فِي أَهْلِهِ وَوُلْدِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَمُهَاجِرِيهِ ـ : وَقَالَ يَا عَلِيُّ إِنَّ الْمَدِينَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا بِي أَوْ بِكَ لِأَنَّهُ خَافَ عَلَيْهَا فِي غَيْبَتِهِ مِمَّنْ عَسَاهُ يَطْمَعُ فِيهَا مِنْ مُفْسِدِي الْعَرَبِ فَاسْتَظْهَرَ لَهَا بِاسْتِخْلَافِهِ فِيهَا وَإِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَمَّا عَلِمُوا بِاسْتِخْلَافِهِ عَلِيّاً حَسَدُوهُ وَعَظُمَ عَلَيْهِمْ مَقَامُهُ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ وَعَلِمُوا أَنَّهُ لَمْ يَغِبْ إِذَا حَضَرَهَا وَأَنَّهُ لَا مَطْمَعَ لِلْعَدُوِّ فِيهَا بِوُجُودِهِ وَغَبَطُوهُ عَلَى الرَّفَاهِيَةِ وَالدَّعَةِ وَتَكَلَّفَ مَنْ خَرَجَ مِنْهُمُ الْمَشَاقَّ فَأَرْجَفُوا أَنَّهُ لَمْ يُخَلِّفْهُ إِكْرَاماً لَهُ وَلَا إِجْلَالاً وَإِنَّمَا خَلَّفَهُ اسْتِثْقَالاً لِمَكَانِهِ وَرَغْبَةً فِي بَعْدِهِ فَبَهَتُوهُ بِهَذَا الْإِرْجَافِ كَمَا قِيلَ عَنِ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم إِنَّهُ سَاحِرٌ وَإِنَّهُ شَاعِرٌ وَ (إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ) وَهُمْ يَعْلَمُونَ
________________
(١) أينع الثمر : أدرك وطاب.
(٢) أرجف القوم : خاضوا في الاخبار السيئة وذكر الفتن على أن يوقعوا في الناس الاضطراب من غير أنّ يصحّ عندهم شيء.