بِمَا فَعَلَ عَلِيٌّ ـ مِنِ اصْطِفَائِهِ الْجَارِيَةَ مِنَ الْخُمُسِ لِنَفْسِهِ وَقَعْ فِيهِ (١) فَسَارَ بُرَيْدَةُ إِلَى بَابِ رَسُولِ اللهِ فَلَقِيَهُ بَعْضُ الْجَمَاعَةِ وَسَأَلَهُ عَنْ حَالِهِمْ فَأَخْبَرَهُ وَقَالَ إِنَّمَا جِئْتُ لِأُعَرِّفَ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم مَا فَعَلَ عَلِيٌّ مِنِ اصْطِفَائِهِ الْجَارِيَةَ فَقَالَ اذْهَبْ لِمَا جِئْتَ فِيهِ فَإِنَّهُ سَيَغْضِبُ لِابْنَتِهِ مِمَّا صَنَعَ عَلِيٌّ فَدَخَلَ بُرَيْدَةُ وَمَعَهُ كِتَابُ خَالِدٍ فِيمَا أَرْسَلَهُ فِيهِ فَجَعَلَ يَقْرَؤُهُ وَوَجْهُ رَسُولِ اللهِ يَتَغَيَّرُ فَقَالَ بُرَيْدَةُ يَا رَسُولَ اللهِ إِنْ رَخَّصْتَ لِلنَّاسِ فِي مِثْلِ هَذَا ذَهَبَ فَيْؤُهُمْ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَيْحَكَ يَا بُرَيْدَةُ أَحْدَثْتَ نِفَاقاً إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَحِلُّ لَهُ مِنَ الْفَيْءِ مَا يَحِلُّ لِي إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ خَيْرُ النَّاسِ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَخَيْرُ مَنْ أُخَلِّفُ بَعْدِي لِكَافَّةِ أُمَّتِي يَا بُرَيْدَةُ احْذَرْ أَنْ تُبْغِضَ عَلِيّاً فَيُبْغِضَكَ اللهُ قَالَ بُرَيْدَةُ فَتَمَنَّيْتُ أَنَّ الْأَرْضَ انْشَقَّتْ لِي فَسُخْتُ فِيهَا وَقُلْتُ أَعُوذُ بِاللهِ مِنْ سَخَطِ اللهِ وَسَخَطِ رَسُولِهِ يَا رَسُولَ اللهِ اسْتَغْفِرْ لِي فَلَنْ أُبْغِضَ عَلِيّاً أَبَداً وَلَا أَقُولُ فِيهِ إِلَّا خَيْراً فَاسْتَغْفَرَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ص.
وفي هذه الغزاة من الفضل لأمير المؤمنين والفتح على يده وإظهار النبي صلی الله علیه وسلم منزلته وأنه يحل له من الفيء ما يحل له واختصاصه بذلك دون غيره وما ظهر من حب النبي له وتحذيره من بغضه وتعريف فضله من لم يكن يعرفه وحث بريدة على حبه وقوله هو خير الناس لك ولقومك وخير من أخلف بعدي لكافة أمتي تعريض لا والله بل تصريح بخلافته وإمامته وإشعار بمحله منه ومكانته وأنه أحقهم بمقامه من بعده وأخصهم به في نفسه وآثرهم عنده ما لا يشاركه فيه أحد ولا يقاربه ولا يدانيه ومن أين يدرك شأوه صلی الله علیه وسلم من يبتغيه وقد اجتمع له من خلال الشرف ما اجتمع فيه صلى الله عليه وعلى نبيه وآله وذويه
فصل ثم كانت غزاة السلسلة ، جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم وَقَالَ إِنَّ قَوْماً مِنَ الْعَرَبِ قَدِ اجْتَمَعُوا بِوَادِي الرَّمْلِ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَيِّتُوكَ بِالْمَدِينَةِ (٢) فَأَمَرَ بِالصَّلَاةَ جَامِعَةً فَاجْتَمَعُوا وَعَرَّفَهُمْ وَقَالَ مَنْ لَهُمْ فَانْتَدَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ عِدَّتُهُمْ ثَمَانُونَ
________________
(١) مر من وقع فلان وقيعة : سبه وعابه واغتابه.
(٢) بيت القوم والعدو : أوقع بهم ليلا من دون ان يعلموا.