ذلك أمر يختص به وبمن يكاذبه فما معنى ضم الأبناء والنساء.
قلت ذلك آكد في الدلالة على ثقته بحاله واستيقانه بصدقه حيث استجرأه على تعريض أعزته وأفلاذ كبده وأحب الناس إليه لذلك لم يقتصر على تعريض نفسه له وعلى ثقته بكذب خصمه حتى يهلك خصمه مع أحبته وأعزته هلاك الاستئصال إلى أن تمت المباهلة وخص الأبناء والنساء لأنهم أعز الأهل وألصقهم بالقلوب وربما فداهم الرجل بنفسه وحارب دونهم حتى يقتل ثم من ثم كانوا يسوقون مع أنفسهم الضغائن في الحروب لتمنعهم من الحرب يسمون الذادة عنها بأرواحهم حماة الحقائق وقدمهم في الذكر على الأنفس لينبه على لطف مكانهم وقرب منزلتهم وليؤذن بأنهم مقدمون على الأنفس مفدون بها وفيه دليل لا شيء أقوى منه على فضل أصحاب الكساء علیهما السلام وفيه برهان واضح على صحة نبوة النبي صلی الله علیه وسلم لأنه لم يرو أحد من موافق ولا مخالف أنهم أجابوا إلى ذلك انتهى كلام الزمخشري.
فصل وَتَلَا وَفْدَ نَجْرَانَ إِنْفَاذُ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم عَلِيّاً علیهما السلام إِلَى الْيَمَنِ لِيُخَمِّسَ زَكَوَاتِهَا وَيَقْبِضَ مَا تَقَرَّرَ عَلَى أَهْلِ نَجْرَانَ فَتَوَجَّهَ وَقَامَ بِمَا تَوَجَّهَ لَهُ مُسَارِعاً إِلَى طَاعَةِ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم ثُمَّ أَرَادَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم الْحَجَّ فَأَذَّنَ فِي النَّاسِ بِهِ وَبَلَغَتْ دَعْوَتُهُ إِلَيْهِ أَقَاصِيَ بِلَادِ الْإِسْلَامِ فَتَجَهَّزَ النَّاسُ لِلْخُرُوجِ وَكَاتَبَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِالتَّوَجُّهِ إِلَى الْحَجِّ مِنَ الْيَمَنِ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ نَوْعَ الْحَجِّ الَّذِي عَزَمَ عَلَيْهِ وَخَرَجَ صلی الله علیه وسلم قَارِناً لِلْحَجِّ بِسِيَاقِ الْهَدْيِ وَأَحْرَمَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَأَحْرَمَ النَّاسُ مَعَهُ وَلَبَّى مِنْ عِنْدِ الْمِيلِ الَّذِي بِالْبَيْدَاءِ فَاتَّصَلَ مَا بَيْنَ الْحَرَمَيْنِ بِالتَّلْبِيَةِ فَلَمَّا قَارَبَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم مَكَّةَ مِنْ جِهَةِ الْمَدِينَةِ قَارَبَهَا عَلِيٌّ علیهما السلام مِنْ جِهَةِ الْيَمَنِ بِعَسْكَرِهِ وَتَقَدَّمَهُمْ لِلِقَاءِ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَأَدْرَكَهُ وَقَدْ أَشْرَفَ عَلَى مَكَّةَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَخَبَّرَهُ بِمَا صَنَعَ وَقَبْضِ مَا قَبَضَ فَسُرَّ بِهِ وَابْتَهَجَ بِلِقَائِهِ فَقَالَ بِمَا أَهْلَلْتَ يَا عَلِيُّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّكَ لَمْ تَكْتُبْ إِلَيَّ بِإِهْلَالِكَ وَلَا عَرَفْتُهُ فَعَقَدْتُ نِيَّتِي بِنِيَّتِكَ وَقُلْتُ اللهُمَّ إِهْلَالاً كَإِهْلَالِ نَبِيِّكَ وَسُقْتُ أَرْبَعاً وَثَلَاثِينَ بَدَنَةً فَقَالَ اللهُ أَكْبَرُ قَدْ سُقْتُ أَنَا سِتّاً وَسِتِّينَ وَأَنْتَ شَرِيكِي فِي حَجِّي