مَا كَانَ فَأَرْسَلَتْ خِمَارَهَا عَلَى وَجْهِهَا وَبَكَتْ وَقَالَتْ أَمْرٌ قُضِيَ عَلَيَّ.
وَرُوِيَ أَنَّهُ قِيلَ لَهَا قَبْلَ مَوْتِهَا أَنَدْفِنُكِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَقَالَتْ لَا إِنِّي أَحْدَثْتُ بَعْدَهُ
والحال في حرب أصحاب الجمل معروفة تحتمل الإطالة فاقتصرت منها على هذا القدر.
وكانت حروبه صلی الله علیه وسلم مشكلة على من لم يؤت نور البصيرة فقعد عنه قوم وشك فيه آخرون وما فيهم إلا من عرف أن الحق معه وندم على التخلف عنه وكيف لا يكون الحق معه والصواب فيما رواه والرشد فيما أتاه وأَدْعِيَةُ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم قَدْ سَبَقَتْ لَهُ اللهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ وَأَدِرِ الْحَقَّ مَعَ عَلِيٍّ كَيْفَ دَارَ وإذا كان دعاء النبي صلی الله علیه وسلم مستجابا لزم أن ولي علي ولي الله وأولياؤه مؤمنون وعدو علي عدو الله وأعداؤه كافرون وأن ناصره منصور وخاذله مخذول وأن الحق يدور معه ويتصرف بتصرفه ولا يفارقه ولا يزايله فكلما فعله كان فيه مصيبا ومن خالفه في أمر أو نابذه في حال أو منعه شيئا يريده أو حمله على ما يكرهه أو عصاه فيما يأمره به أو غصبه حقا أو شك فيه أو لامه على حركاته وسكناته وقضاياه وتصرفاته كان بمدلول دعاء النبي صلی الله علیه وسلم مخطئا لأن من أقدم على شيء من ذلك كان عدوا له علیهما السلام وعدوه عدو الله وعدو الله كافر وهذا واضح فتأمل.
ومن حروبه حرب صفين
المشتملة على وقائع يضطرب لها فؤاد الجليد ويشيب لهولها فود الوليد ويذوب لتسعر بأسها زبر الحديد ويجب منها قلب البطل الصنديد ويذهب بها عناد المريد وتمرد العنيد فإنها أسفرت عن نفوس آساد مختطفه باللهازم ورءوس أجلاد مقتطفه بالصوارم وأرواح فرسان طائره عن أوكارها وأشباح شجعان قد نبذت بالعراء دون إدراك أوتارها وفراخ هام قد أنهضت عن مجاثمها وترائيب دوام أباح حرمتها من أمر بحفظ محارمها فأصبحت فرائس الوحوش في السباسب وطعمة الكواسر والكواسب قد ارتوت الأرض من دمائها المطلولة وغصت البيداء بأشلائها المقتولة ورغمت أنوف حماتها ودنت حتوف