ومن آيات الله تعالى أيضا فيه مع طول ملاقاته الحروب وملابسته إياها وكثرة من مني به فيها من شجعان الأعداء وصناديدهم وتجمعهم عليه واحتيالهم في الفتك (١) به وبذل الجهد في ذلك ما ولى قط عن أحد منهم ظهره ولا انهزم عن أحد منهم ولا تزحزح عن مكانه ولا هاب أحدا من أقرانه ولم يلق أحد سواه خصما له في حرب إلا ثبت له حينا وانحرف عنه حينا وأقدم عليه وقتا وأحجم عنه زمانا وإذا كان الأمر على ما وصفناه ثبت ما ذكرناه من انفراده بالآية الباهرة والمعجزة الظاهرة وخرق العادة فيه بما دل الله وكشف به عن فرض طاعته وأبانه بذلك من كافة خليقته.
وقلت أمدحه علیهما السلام من قصيدة طويلة وأنشدتها بحضرته في مشهده المقدس صلوات الله على الحال به :
وإلى أمير المؤمنين بعثتها |
|
مثل السفائن عمن في تيار (٢) |
تحكي السهام إذا قطعن مفازة |
|
وكأنها في دقة الأوتار |
تنجو بمقصدها أغر شأي الورى |
|
بزكاء أعراق وطيب نجار (٣) |
حمال أثقال ومسعف طالب |
|
وملاذ ملحوف وموئل جار (٤) |
شرف أقر به الحسود وسؤدد |
|
شاد العلاء ليعرب ونزار (٥) |
وسماحة كالماء طاب لوارد |
|
ظام إليه وسطوة كالنار |
ومآثر شهد العدو بفضلها |
|
والحق أبلج والسيوف عواري (٧) |
________________
(١) الفتك : أن يأتي الرجل صاحبه وهو غافل حتّى يشد عليه فيقتله.
(٢) التيار : موج البحر الهائج. وفي كتاب الغدير «غمن بالتيار» بالغين وهو من غم الشيء : غطاه.
(٣) شأى القوم : سبقهم. والنجار : الأصل والحسب.
(٤) الموئل : الملجأ.
(٥) شاد بمعنى رفع.
(٦) الأبلج : الواضح من كل شيء.