فَلَفَّفْتِهِ فِي خِرْقَةٍ وَأَلْقَيْتِهِ مِنْ خَارِجِ الْجُدْرَانِ حَيْثُ قَضَاءُ الْحَوَائِجِ فَجَاءَ كَلْبٌ يَشَمُّهُ فَخَشِيتِ أَنْ يَأْكُلَهُ فَرَمَيْتِهِ بِحَجَرٍ فَوَقَعَتْ فِي رَأْسِهِ فَشَجَّتْهُ فَعُدْتِ إِلَيْهِ أَنْتِ وَأُمُّكِ فَشَدَّتْ رَأْسَهُ أُمُّكِ بِخِرْقَةٍ مِنْ جَانِبِ مِرْطِهَا (١) ثُمَّ تَرَكْتُمَاهُ وَمَضَيْتُمَا وَلَمْ تَعْلَمَا حَالَهُ فَسَكَتَتْ فَقَالَ لَهَا تَكَلَّمِي بِحَقٍّ فَقَالَتْ بَلَى وَاللهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ مَا عَلِمَهُ مِنِّي غَيْرُ أُمِّي فَقَالَ قَدْ أَطْلَعَنِي اللهُ عَلَيْهِ فَأَصْبَحَ فَأَخَذَهُ بَنُو فُلَانٍ فَرُبِّيَ فِيهِمْ إِلَى أَنْ كَبِرَ وَقَدِمَ مَعَهُمْ الْكُوفَةَ وَخَطَبَكِ وَهُوَ ابْنُكِ ثُمَّ قَالَ لِلْفَتَى اكْشِفْ رَأْسَكِ فَكَشَفَهُ فَوَجَدَ أَثَرَ الشَّجَّةِ فَقَالَ علیهما السلام هَذَا ابْنُكِ قَدْ عَصَمَهُ اللهُ تَعَالَى مِمَّا حَرَّمَهُ عَلَيْهِ فَخُذِي وَلَدَكِ وَانْصَرِفِي فَلَا نِكَاحَ بَيْنَكُمَا
وله في هذه الواقعة علیهما السلام ما يقضي بولايته ويسجل بكرامته.
وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ ذكردان الْفَارِسِيُّ قَالَ كُنْتُ مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَقَدْ شَكَا إِلَيْهِ النَّاسُ وَأَنَا زِيَادَةَ الْفُرَاتِ وَأَنَّهَا قَدْ أَهْلَكَتْ مَزَارِعَهُمْ وَتُحِبُّ أَنْ تَسْأَلَ اللهَ أَنْ يَنْقُصَهُ عَنَّا فَقَامَ وَدَخَلَ بَيْتَهُ وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ يَنْتَظِرُونَهُ فَخَرَجَ وَعَلَيْهِ جُبَّةُ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَعِمَامَتُهُ وَبُرْدُهُ وَفِي يَدِهِ قَضِيبُهُ فَدَعَا بِفَرَسِهِ فَرَكِبَهَا وَمَشَى وَمَعَهُ أَوْلَادُهُ وَالنَّاسُ وَأَنَا مَعَهُمْ رَجَّالَةً حَتَّى وَقَفَ عَلَى الْفُرَاتِ فَنَزَلَ عَنْ فَرَسِهِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ثُمَّ قَامَ وَأَخَذَ الْقَضِيبَ بِيَدِهِ وَمَشَى عَلَى الْجِسْرِ وَلَيْسَ مَعَهُ سِوَى وَلَدَيْهِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ علیهما السلام وَأَنَا فَأَهْوَى إِلَى الْمَاءِ بِالْقَضِيبِ فَنَقَصَ ذِرَاعاً فَقَالَ أَيَكْفِيكُمْ فَقَالُوا لَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَامَ وَأَوْمَأَ بِالْقَضِيبِ وَأَهْوَى بِهِ إِلَى الْمَاءِ فَنَقَصَتِ الْفُرَاتُ ذِرَاعاً آخَرَ هَكَذَا إِلَى أَنْ نَقَصَتْ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ فَقَالُوا حَسْبُنَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَرَكِبَ علیهما السلام فَرَسَهُ وَعَادَ إِلَى مَنْزِلِهِ
وهذه كرامة عظيمة ونعمة من الله جسيمة قلت فكان هو علیهما السلام أولى وأحق بقول القائل :
لو قلت للسيل دع طريقك و |
|
الموج عليه كالهضب يعتلج (٢) |
________________
(١) المرط ـ بالكسر ـ : كساء من خز أو صوف أو كتان يؤتزر به ، وربما تلقيه المرأة على رأسها.
(٢) الهضب : الجبل خلق من صخرة واحدة. واعتاج الموج : التطم.