على الأمد فيها ومن أبى فقد كفر وتوقل من تحصيل كمالاتها إلى الذروة التي فاقت الشمس والقمر وسبق الأوائل والأواخر إلى قنن الشرف فنهى فيها وأمر وشهد الله سبحانه ببلوغه هذه الكمالات فيما ضمن الآيات والسور ولو أراد مريد أن يجمع في كل صفة من هذه الصفات كتابا مطولا أمكنه لما جمعه الله فيه من محاسنها وخصه به من صفاياها فأما ذكر باقي أحواله ومغازيه وتسمية أعمامه وعماته وذكر أزواجه وذكر عبيده وخيله وسياقة سنته وغير ذلك من أحاديثه وخطبه ومواعظه فليس ذلك من غرض هذا الكتاب فلنقتصر على ما ذكرناه
فصل
قبل الشروع في ذكر علي وأولاده علیهما السلام نذكر شيئا مما يتعلق بفضل بني هاشم وشرفهم وما لهم من المزايا التي فضلوا بها الناس.
ومن ذلك رسالة وقعت إلي من كلام أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ أذكرها مختصرا لها قال اعلم حفظك الله أن أصول الخصومات معروفة بينة وأبوابها مشهورة كالخصومة بين الشعوبية والعرب والكوفي والبصري والعدناني والقحطاني فهذه الأبواب الثلاثة أنقض للعقول السليمة وأفسد للأخلاق الحسنة من المنازعة في القدر والتشبيه وفي الوعد والوعيد وفي الأسماء والأحكام وفي الآثار وتصحيح الأخبار وأنقض من هذه للعقول تمييز الرجال وترتيب الطبقات وذكر تقديم علي وأبي بكر فأولى الأشياء بك القصد وترك الهوى فإن اليهود نازعت النصارى في المسيح فلج بهما القول حتى قالت اليهود إنه ابن يوسف النجار وإنه لغير رشدة وإنه صاحب نيرنج وخدع ومخاريق وناصب شرك وصياد سمك وصاحب شص وشبك فما يبلغ من عقل صياد وربيب نجار وزعمت النصارى أنه رب العالمين وخالق السماوات والأرضين وإله الأولين والآخرين.
فلو وجدت اليهود أسوأ من ذلك القول لقالته فيه ولو وجدت النصارى أرفع من ذلك القول لقالته فيه وعلى هذا قَالَ عَلِيٌّ علیهما السلام يَهْلِكُ فِيَّ رَجُلَانِ مُحِبٌّ مُفْرِطٌ وَمُبْغِضٌ مُفْرِطٌ والرأي كل الرأي أن لا يدعوك حب الصحابة إلى بخس عترة