هُوَ يَقُولُ إِذَا أَنَا دَعَوْتُ فَأَمِّنُوا فَقَالَ أُسْقُفُ نَجْرَانَ يَا مَعْشَرَ النَّصَارَى إِنِّي لَأَرَى وُجُوهاً لَوْ شَاءَ اللهُ أَنْ يُزِيلَ جَبَلاً مِنْ مَكَانِهِ لَأَزَالَهُ بِهَا فَلَا تُبَاهِلُوا فَتَهْلِكُوا وَلَا يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ نَصْرَانِيٌّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَقَالُوا يَا أَبَا الْقَاسِمِ رَأَيْنَا أَنْ لَا نُبَاهِلَكَ وَأَنْ نُقِرَّكَ عَلَى دِينِكَ وَنَثْبُتُ عَلَى دِينِنَا قَالَ فَإِذَا أَبَيْتُمُ الْمُبَاهَلَةَ فَأَسْلِمُوا يَكُنْ لَكُمْ مَا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْكُمْ مَا عَلَيْهِمْ فَأَبَوْا قَالَ فَإِنِّي أُنَاجِزُكُمْ (١) فَقَالُوا مَا لَنَا بِحَرْبِ الْعَرَبِ طَاقَةٌ وَلَكِنْ نُصَالِحُكَ عَلَى أَنْ نُؤَدِّيَ إِلَيْكَ فِي كُلِّ عَامٍ أَلْفَيْ حُلَّةٍ أَلْفاً فِي صَفَرٍ وَأَلْفاً فِي رَجَبٍ وَثَلَاثِينَ دِرْعاً عَادِيَةً مِنْ حَدِيدٍ فَصَالَحَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ الْهَلَاكَ قَدْ تَدَلَّى عَلَى أَهْلِ نَجْرَانَ وَلَوْ لَاعَنُوا لَمُسِخُوا قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ وَلَاضْطَرَمَ الْوَادِي عَلَيْهِمْ نَاراً وَلَاسْتَأْصَلَ اللهُ نَجْرَانَ وَأَهْلَهُ حَتَّى الطَّيْرِ عَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ وَلَمَا حَالَ الْحَوْلُ عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ حَتَّى يَهْلِكُوا. (٢)
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم خَرَجَ وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَجَّلٌ مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ فَجَاءَ الْحَسَنُ فَأَدْخَلَهُ ثُمَّ جَاءَ الْحُسَيْنُ فَأَدْخَلَهُ ثُمَّ فَاطِمَةُ ثُمَّ عَلِيٌّ ثُمَّ قَالَ (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً). (٢)
فإن قلت ما كان دعاؤه إلى المباهلة إلا ليتبين الكاذب منه ومن خصمه وذلك أمر يختص به وبمن يكاذبه فما معنى ضم الأبناء والنساء.
قلت ذلك آكد في الدلالة على ثقته بحاله واستيقانه بصدقه حيث استجرأ على تعريض أعزته وأفلاذ كبده وأحب الناس إليه لذلك ولم يقتصر على تعريض نفسه له على ثقته بكذب خصمه حتى يهلك خصمه وهلاكه مع أحبته وأعزته هلاك الاستئصال إن تمت المباهلة وخص الأبناء والنساء لأنهم أعز الأهل وألصقهم بالقلوب وربما فداهم الرجل بنفسه وحارب دونهم حتى يقتل ومن ثم كانوا يسوقون مع أنفسهم الظعائن (٣) في الحروب لتمنعهم من الهرب ويسمون الذادة عنها بأرواحهم حماة الحقائق وقدمهم في الذكر على الأنفس لينبه على لطف
________________
(١) ناجزه : قاتله وبارزه. وفي بعض النسخ «احاربكم» مكان «أناجزكم».
(٢) وقد مر الحديث بتمامه في صلی الله علیه وسلم : ٢٣٣ ـ ٢٣٤ مع شرح معضلاته فراجع.
(٣) الظعائن : النساء.