وَخَمْسَةَ أَمْدَادٍ شَعِيراً وَاجْعَلْ لِي قَصْعَةً فَلَعَلِّي أَجْمَعُ عَلَيْهَا الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ قَالَ فَفَعَلَ ذَلِكَ وَأَتَاهُ بِهَا حِينَ فَرَغَ فَوَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ فَطَعَنَ فِي أَعْلَاهَا ثُمَّ تَفَلَ فِيهَا وَبَرَّكَ ثُمَّ قَالَ يَا بِلَالُ ادْعُ النَّاسَ إِلَى الْمَسْجِدِ وَلَا تُفَارِقْ رِفْقَةً إِلَى غَيْرِهَا فَجَعَلُوا يَرِدُونَ عَلَيْهِ رِفْقَةً رِفْقَةً كُلَّمَا وَرَدَتْ رِفْقَةٌ نَهَضَتْ أُخْرَى حَتَّى تَتَابَعُوا ثُمَّ كَفَتْ وَفَضَلَ مِنْهَا فَتَفَلَ عَلَيْهِ وَبَرَّكَ ثُمَّ قَالَ يَا بِلَالُ احْمِلْهَا إِلَى أُمَّهَاتِكَ فَقُلْ لَهُنَّ كُلْنَ وَأَطْعِمْنَ مَنْ غَشِيَكُنَّ فَفَعَلَ ذَلِكَ بِلَالٌ.
ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم دَخَلَ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ لَهُنَّ إِنِّي قَدْ زَوَّجْتُ ابْنَتِي لِابْنِ عَمِّي وَقَدْ عَلِمْتُنَّ مَنْزِلَتَهَا مِنِّي وَإِنِّي دَافِعُهَا إِلَيْهِ أَلَا فَدُونَكُنَّ ابْنَتَكُنَّ فَقُمْنَ إِلَى الْفَتَاةِ فَعَلَّقْنَ عَلَيْهَا مِنْ حُلِيِّهِنَّ وَطَيَّبْنَهَا وَجَعَلْنَ فِي بَيْتِهَا فِرَاشاً حَشْوُهُ لِيفٌ وَوِسَادَةً وَكِسَاءً خَيْبَرِيّاً وَمِخْضَباً وَهُوَ الْمَرْكَنُ وَاتُّخِذَتْ أُمُّ أَيْمَنَ بَوَّابَةً.
ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم جَاءَ فَهَتَفَ بِفَاطِمَةَ وَهِيَ فِي بَعْضِ الْبُيُوتِ فَأَقْبَلَتْ فَلَمَّا رَأَتْ زَوْجَهَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم حَصِرَتْ (١) وَبَكَتْ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم ادْنِي مِنِّي فَدَنَتْ مِنْهُ فَأَخَذَ بِيَدِهَا وَيَدِ عَلِيٍّ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ كَفَّهَا فِي كَفِّ عَلِيٍّ حَصِرَتْ وَدَمَعَتْ عَيْنَاهَا فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ رَأْسَهُ إِلَى عَلِيٍّ وَأَشْفَقَ أَنْ يَكُونَ بُكَاؤُهَا مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ فَقَالَ لَهَا مَا أَلَوْتُكِ مِنْ نَفْسِي وَلَقَدْ أَصَبْتُ بِكِ الْقَدْرَ وَزَوَّجْتُكِ خَيْرَ أَهْلِي وَايْمُ اللهِ لَقَدْ زَوَّجْتُكِ سَيِّداً (فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) قَالَ فَلَانَ مِنْهَا وَأَمْكَنَتْهُ مِنْ كَفِّهَا فَقَالَ لَهُمَا اذْهَبَا إِلَى بَيْتِكُمَا بَارَكَ اللهُ لَكُمَا وَأَصْلَحَ بَالَكُمَا فَلَا تُهَيِّجَا شَيْئاً حَتَّى آتِيَكُمَا فَأَقْبَلَا حَتَّى جَلَسَا علیهما السلام مَجْلِسَهُمَا وَعِنْدَهُمَا أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَبَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ عَلِيٍّ حِجَابٌ وَفَاطِمَةُ مَعَ النِّسَاءِ ثُمَّ أَقْبَلَ النَّبِيُّ علیهما السلام حَتَّى دَقَّ الْبَابَ فَقَالَتْ أَمُّ أَيْمَنَ مَنْ هَذَا فَقَالَ أَنَا رَسُولُ اللهِ فَفَتَحَتْ لَهُ الْبَابَ وَهِيَ تَقُولُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم أَثَمَّ أَخِي يَا أُمَّ أَيْمَنَ فَقُلْتُ لَهُ وَمَنْ أَخُوكَ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللهِ هُوَ أَخُوكَ وَزَوَّجْتَهُ ابْنَتَكَ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَتْ إِنَّمَا نَعْرِفُ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ بِكَ
________________
(١) حصر حصرا : ضاق صدره.