" حَدَّثَ الزُّبَيْرُ عَنْ رِجَالِهِ قَالَ دَخَلَ مِحْفَنُ بْنُ أَبِي مِحْفَنٍ الضَّبِّيُّ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ جِئْتُكَ مِنْ عِنْدِ أَلْأَمِ الْعَرَبِ وَأَبْخَلِ الْعَرَبِ وَأَعْيَا الْعَرَبِ وَأَجْبَنِ الْعَرَبِ قَالَ وَمَنْ هُوَ يَا أَخَا بَنِي تَمِيمٍ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ مُعَاوِيَةُ اسْمَعُوا يَا أَهْلَ الشَّامِ مَا يَقُولُ أَخُوكُمُ الْعِرَاقِيُّ فَابْتَدَرُوهُ أَيُّهُمْ يَنْزِلُهُ عَلَيْهِ وَيُكْرِمُهُ فَلَمَّا تَصَدَّعَ النَّاسُ عَنْهُ قَالَ لَهُ كَيْفَ قُلْتَ فَأَعَادَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ وَيْحَكَ يَا جَاهِلُ كَيْفَ يَكُونُ أَلْأَمَ الْعَرَبِ وَأَبُوهُ أَبُو طَالِبٍ وَجَدُّهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَامْرَأَتُهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَأَنَّى يَكُونُ أَبْخَلَ الْعَرَبِ فَوَ اللهِ لَوْ كَانَ لَهُ بَيْتَانِ بَيْتُ تِبْنٍ وَبَيْتُ تِبْرٍ (١) لَأَنْفَدَ تِبْرَهُ قَبْلَ تِبْنِهِ وَأَنَّى يَكُونُ أَجْبَنَ الْعَرَبِ فَوَ اللهِ مَا الْتَقَتْ فِئَتَانِ قَطُّ إِلَّا مَا كَانَ فَارِسُهُمْ غَيْرَ مُدَافِعٍ وَأَنَّى يَكُونُ أَعْيَا الْعَرَبِ فَوَ اللهِ مَا سَنَّ الْبَلَاغَةَ لِقُرَيْشٍ غَيْرُهُ وَلَمَا قَامَتْ أُمُّ مِحْفَنٍ عَنْهُ أَلْأَمَ وَأَبْخَلَ وَأَجْبَنَ وَأَعْيَا لِبَظْرِ أُمِّهِ (٢) فَوَ اللهِ لَوْ لَا مَا تَعْلَمُ لَضَرَبْتُ الَّذِي فِيهِ عَيْنَاكَ فَإِيَّاكَ عَلَيْكَ لَعْنَةُ اللهِ وَالْعَوْدَ إِلَى مِثْلِ هَذَا قَالَ وَاللهِ أَنْتَ أَظْلَمُ مِنِّي فَعَلَى أَيِّ شَيْءٍ قَاتَلْتَهُ وَهَذَا مَحَلُّهُ قَالَ عَلَى خَاتَمِي هَذَا حَتَّى يَجُوزَ بِهِ أَمْرِي قَالَ فَحَسْبُكَ ذَلِكَ عِوَضاً مِنْ سَخَطِ اللهِ وَأَلِيمِ عَذَابِهِ قَالَ لَا يَا ابْنَ مِحْفَنٍ وَلَكِنِّي أَعْرِفُ مِنَ اللهِ مَا جَهِلْتَ حَيْثُ يَقُولُ (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ).
قلت قد شهد معاوية من فضل علي علیهما السلام بما كان يعرف أضعافه ورأى مع ذلك عصيانه ومنابذته وخلافه وناصبه العداوة حتى قتل بينهما ألوف متعددة واستمر على سبه على المنابر بهمة لا وانية في ذلك ولا مترددة وأوصى على الاستمرار عليها بنيه وبني أبيه واتخذها سنة جرى على بدعته هو ومن يقتفيه إلى أن أجرى الله رفعها على يد عمر بن عبد العزيز رحمهالله فوفقه الله لصوابها وهداه إلى ثوابها و
________________
(١) التبر ـ بكسر التاء ـ : الذهب غير مضروب.
(٢) قال الجزريّ ـ البظر بفتح الباء ـ : الهنة التي تقطعها الخافضة من فرج المرأة عند الختان. ثم قال بعد كلام له : والعرب تطلق هذا اللفظ في الذم وان لم تكن أم من يقال له خاتنة واللام للتعليل ، وما قامت عنه انه كناية عنه نفيه