أنجاه من أليم عذابها ووبيل عقابها.
ثم إن معاوية يجعل عذره فيما صنع واعتماده في الفتنة التي خب فيها ووضع وعصره في الدماء التي أراقها وملاذه في النار التي وراها وقوى إحراقها الاعتماد على رحمة الله ولعمري إنها قريبة من المحسنين (١) فأين إحسانه وحاصله لصالحي المؤمنين فأين صلاحه وإيمانه وشفاعة نبيه معدة للمذنبين أفيشفع له وهذا شأنه هيهات إنها من أماني النفوس الكاذبة وتعللاتها الباطلة الخائبة
حملوها يوم السقيفة أوزارا |
|
تخف الجبال وهي ثقال |
ثم جاءوا من بعدها يستقيلون |
|
وهيهات عثرة لا تقال |
" وَحَدَّثَ الزُّبَيْرُ عَنْ رِجَالِهِ قَالَ قَدِمَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَكَانَ يَلْبَسُ أَدْنَى ثِيَابِهِ وَيَخْفِضُ مِنْ شَأْنِهِ لِمَعْرِفَتِهِ أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَانَ يَكْرَهُ إِظْهَارَهُ لِشَأْنِهِ وَجَاءَ الْخَبَرُ إِلَى مُعَاوِيَةَ بِمَوْتِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ علیهما السلام فَسَجَدَ شُكْراً لِلَّهِ تَعَالَى وَبَانَ السُّرُورُ فِي وَجْهِهِ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ ذَكَرَهُ الزُّبَيْرُ وَذَكَرْتُ مِنْهُ مَوْضِعَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ وَأَذِنَ لِلنَّاسِ وَأَذِنَ لِابْنِ عَبَّاسٍ بَعْدَهُمْ فَدَخَلَ فَاسْتَدْنَاهُ وَكَانَ قَدْ عَرَفَ بِسَجْدَتِهِ فَقَالَ لَهُ أَتَدْرِي مَا حَدَثَ بِأَهْلِكَ قَالَ لَا قَالَ فَإِنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ علیهما السلام تُوُفِّيَ رَحِمَهُ اللهُ فَعَظَّمَ اللهُ لَكَ الْأَجْرَ فَقَالَ (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) عِنْدَ اللهِ نَحْتَسِبُ الْمُصِيبَةَ بِرَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَعِنْدَ اللهِ نَحْتَسِبُ مُصِيبَتَنَا بِالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رَحِمَهُ اللهُ إِنَّهُ قَدْ بَلَغَتْنِي سَجْدَتُكَ فَلَا أَظُنُّ ذَلِكَ إِلَّا لِوَفَاتِهِ وَاللهِ لَا يَسُدُّ جَسَدُهُ حُفْرَتَكَ وَلَا يَزِيدُ انْقِضَاءُ أَجَلِهِ فِي عُمُرِكَ وَلَطَالَ مَا رُزِينَا بِأَعْظَمَ مِنَ الْحَسَنِ (٢) ثُمَّ جَبَرَ اللهُ.
قَالَ مُعَاوِيَةُ كَمْ كَانَ أَتَى لَهُ مِنَ الْعُمُرِ قَالَ شَأْنُهُ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُجْهَلَ مَوْلِدُهُ قَالَ أَحْسَبُهُ تَرَكَ صِبْيَةً صِغَاراً قَالَ كُلُّنَا كَانَ صَغِيراً فَكَبِرَ قَالَ
________________
(١) لقوله تعالى«إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ»وليس بمعلوم ان معاوية ناسى في ذلك الكلام عن هذه الآية أم تناسى ، أو رأى ان ابن محفن لم يكن حاويا لكتاب اللّه وآياته فتمسك بالآية لإحجامه.
(٢) الرزء والرزية : المصيبة العظيمة.