يهلكه أي نزل به قال ثعلب لم يقل أحد في أولى أحسن مما قال الأصمعي.
فأما إقدام معاوية وطغيانه واستمراره على ما سول له شيطانه وإعلانه على رءوس الأشهاد بما نطق به لسانه وجعله سب أمير المؤمنين علیهما السلام من أمور الدين فاغرا بذلك فاه بين المسلمين منتهكا بذلك ما وجب له علیهما السلام من الحرمة غير مراقب في ذلك إلا ولا ذمة خارجا على الإمام واثبا على الأمة فمما يقضي منه العجب لفرط تمرده وتتحير الخواطر من جريه في حلبات عصيانه في أمسه ويومه وغده وتذهل الألباب من ادعائه الإسلام مع جناية يده وإن كان قد جعله سترا دون أفعاله ووقاية لجاهه وماله ونظرا لدنياه مع غفلة عن ماله نعوذ بالله من الفتنة في الأديان والتورط في حبالات الشيطان.
" وَحَدَّثَ الزُّبَيْرُ عَنْ رِجَالِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ مُعَاوِيَةَ أَقْبَلَ عَلَيْهِ وَعَلَى بَنِي هَاشِمٍ فَقَالَ إِنَّكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْتَحِقُّوا الْخِلَافَةَ كَمَا اسْتَحْقَقْتُمُ النُّبُوَّةَ وَلَا يَجْتَمِعَانِ لِأَحَدٍ حُجَّتُكُمْ فِي الْخِلَافَةِ شُبْهَةٌ عَلَى النَّاسِ تَقُولُونَ نَحْنُ أَهْلُ بَيْتِ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم فَمَا بَالُ خِلَافَةِ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم فِي غَيْرِنَا وَهَذِهِ شُبْهَةٌ لِأَنَّهَا تُشْبِهُ الْحَقَّ فَأَمَّا الْخِلَافَةُ فَتَنْقَلِبُ فِي أَحْيَاءِ قُرَيْشٍ بِرِضَا الْعَامَّةِ وَشُورَى الْخَاصَّةِ فَلَمْ يَقُلِ النَّاسُ لَيْتَ بَنِي هَاشِمٍ وَلَّوْنَا وَلَوْ أَنَّ بَنِي هَاشِمٍ وَلَّوْنَا لَكَانَ خَيْراً لَنَا فِي دُنْيَانَا وَآخِرَتِنَا فَلَا هُمْ حَيْثُ اجْتَمَعُوا عَلَى غَيْرِكُمْ تَمَنَّوْكُمْ وَلَوْ زَهَدْتُمْ فِيهَا أَمْسِ لَمْ يُقَاتِلُوا عَلَيْهَا الْيَوْمَ.
وَأَمَّا مَا زَعَمْتُمْ أَنَّ لَكُمْ مَلِكاً هَاشِمِيّاً وَمَهْدِيّاً قَائِماً فَالْمَهْدِيُّ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ علیهما السلام وَهَذَا الْأَمْرُ فِي أَيْدِينَا حَتَّى نُسَلِّمَهُ إِلَيْهِ وَلَعَمْرِي لَئِنْ مَلَكْتُمُونَا مَا رَائِحَةُ عَادٍ وَصَاعِقَةُ ثَمُودَ بِأَهْلَكَ الْيَوْمَ مِنْكُمْ لَنَا ثُمَّ سَكَتَ.
فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّا نَسْتَحِقُّ الْخِلَافَةَ بِالنُّبُوَّةِ فَنَعَمْ فَإِذَا لَمْ نَسْتَحِقَّهَا بِهَا فَبِمَ تَسْتَحِقُّهَا.
وَأَمَّا قَوْلُكَ إِنَّ النُّبُوَّةَ وَالْخِلَافَةَ لَا يَجْتَمِعَانِ لِأَحَدٍ فَأَيْنَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) (١) فَالْكِتَابُ :
________________
(١) النساء : ٥٤.