وَأُوصِيكَ بِأَخِيكَ مُحَمَّدٍ خَيْراً فَإِنَّهُ شَقِيقُكَ (١) وَابْنُ أَبِيكَ وَقَدْ تَعْلَمُ حُبِّي لَهُ وَأَمَّا أَخُوكَ الْحُسَيْنُ فَهُوَ ابْنُ أُمِّكَ وَلَا أَزِيدُكَ الْوِصَايَةَ بِذَلِكَ (٢) وَاللهُ الْخَلِيفَةُ عَلَيْكُمْ وَإِيَّاهُ أَسْأَلُ أَنْ يُصْلِحَكُمْ وَأَنْ يَكُفَّ الطُّغَاةَ الْبُغَاةَ عَنْكُمْ وَالصَّبْرَ الصَّبْرَ حَتَّى يَنْزِلَ اللهُ الْأَمْرَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.
وقد أورد السيد الرضي الموسوي رحمهالله تعالى وألحقه بسلفه الطاهر في نهج البلاغة وصية لأمير المؤمنين علیهما السلام كتبها إلى ابنه الحسن علیهما السلام وهي طويلة جامعة لأدب الدين والدنيا كثيرة الفائدة والجدوى نافعة في الآخرة والأولى قد أخذت بمجامع الفضائل وأعجزت بمقاصدها الأواخر والأوائل وكيف لا يكون كذلك وهو الذي إذا قال بذ كل قائل (٣) وعاد سحبان عنده مثل باقل (٤) فإن أنكرت فسائل وليس هذا الكتاب موضعا لإثباتها وقد دللتك عليها فإن أردتها فأتها تجد البيان والبلاغة وتشاهد آداب الدنيا والآخرة ببدائع ألفاظ تريك ورد البيان صافيا وبرد الفصاحة ضافيا وحظ السمع والقلب وافيا وليكن هذا القدر في صفتها وإن لم يكن كافيا كافيا.
قَالَ الشَّيْخُ الْمُفِيدُ فِي إِرْشَادِهِ لَمَّا قُبِضَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیهما السلام خَطَبَ النَّاسَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ علیهما السلام وَذَكَرَ حَقَّهُ فَبَايَعَهُ أَصْحَابُ أَبِيهِ علیهما السلام عَلَى حَرْبِ مَنْ حَارَبَ وَسِلْمِ مَنْ سَالَمَ.
وَرَوَى أَبُو مِخْنَفٍ لُوطُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنِي أَشْعَثُ بْنُ سَوَّارٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ وَغَيْرِهِ قَالُوا خَطَبَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ علیهما السلام صَبِيحَةَ اللَّيْلَةِ الَّتِي قُبِضَ فِيهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیهما السلام فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَصَلَّى عَلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم ثُمَ
________________
(١) الشقيق : الأخ.
(٢) وفي نسخة «ولا أزيد لك الوصاة»
(٣) بذه : غلبه وفاقه.
(٤) سحبان : رجل باهلى يضرب به المثل في الخطابة والفصاحة فيقال : «اخطب من سحبان وائل وأفصح» وبأقل ؛ رجل يضرب به المثل في العى.