فَلَمْ أُسْقَ مِثْلَ هَذِهِ الْمَرَّةِ ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَيْهِ مِنَ الْغَدِ وَهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ وَالْحُسَيْنُ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ يَا أَخِي مَنْ تَتَّهِمُ قَالَ لِمَ تَسْأَلُهُ لِتَقْتُلَهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ إِنْ يَكُنِ الَّذِي أَظُنُّ فَإِنَّهُ (أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً) وَإِلَّا يَكُنْ فَمَا أُحِبُّ أَنْ يُقْتَلَ بِي بَرِيءٌ ثُمَّ قَضَى ع.
وَعَنْ رَقَبَةَ بْنِ مَصْقَلَةَ قَالَ لَمَّا حَضَرَ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ علیهما السلام قَالَ أَخْرِجُونِي إِلَى الصَّحْرَاءِ لَعَلِّي أَنْظُرُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاءِ يَعْنِي الْآيَاتِ فَلَمَّا أُخْرِجَ بِهِ قَالَ اللهُمَّ إِنِّي أَحْتَسِبُ نَفْسِي عِنْدَكَ فَإِنَّهَا أَعَزُّ الْأَنْفُسِ عَلَيَّ وَكَانَ مِمَّا صَنَعَ اللهُ لَهُ أَنَّهُ احْتَسَبَ نَفْسَهُ آخر كلام الحافظ أبو نعيم.
التاسع في كلامه علیهما السلام ومواعظه وما يجري معها
نَقَلَ الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي حِلْيَتِهِ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيّاً علیهما السلام سَأَلَ ابْنَهُ الْحَسَنَ علیهما السلام عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ أَمْرِ الْمُرُوَّةِ فَقَالَ يَا بُنَيَّ مَا السَّدَادُ فَقَالَ يَا أَبَتِي السَّدَادُ دَفْعُ الْمُنْكَرِ بِالْمَعْرُوفِ قَالَ فَمَا الشَّرَفُ قَالَ اصْطِنَاعُ الْعَشِيرَةِ وَحَمْلُ الْجَرِيرَةِ (١) قَالَ فَمَا الْمُرُوَّةُ قَالَ الْعَفَافُ وَإِصْلَاحُ الْمَالِ قَالَ فَمَا الرِّقَّةُ قَالَ النَّظَرُ فِي الْيَسِيرِ وَمَنْعُ الْحَقِيرِ قَالَ فَمَا اللُّؤْمُ قَالَ إِحْرَازُ الْمَرْءِ نَفْسَهُ وَبَذْلُهُ عِرْسَهُ (٢) قَالَ فَمَا السَّمَاحُ قَالَ الْبَذْلُ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ قَالَ فَمَا الشُّحُّ قَالَ أَنْ تَرَى مَا فِي يَدَيْكَ شَرَفاً وَمَا أَنْفَقْتَهُ تَلَفاً قَالَ فَمَا الْإِخَاءُ قَالَ الْمُوَاسَاةُ فِي الشِّدَّةِ قَالَ فَمَا الْجُبْنُ قَالَ الْجُرْأَةُ عَلَى الصَّدِيقِ وَالنُّكُولُ عَنِ الْعَدُوِّ قَالَ فَمَا الْغَنِيمَةُ قَالَ الرَّغْبَةُ فِي التَّقْوَى وَالزَّهَادَةُ فِي الدُّنْيَا هِيَ الْغَنِيمَةُ الْبَارِدَةُ (٣) قَالَ فَمَا الْحِلْمُ قَالَ كَظْمُ الْغَيْظِ وَمِلْكُ النَّفْسِ قَالَ فَمَا الْغِنَى قَالَ رِضَا النَّفْسِ بِمَا قَسَمَ اللهُ تَعَالَى لَهَا وَإِنْ قَلَّ وَإِنَّمَا الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ قَالَ فَمَا الْفَقْرُ قَالَ شَرَهُ النَّفْسِ (٤) فِي كُلِّ شَيْءٍ قَالَ فَمَا الْمَنَعَةُ قَالَ شِدَّةُ الْبَأْسِ وَمُنَازَعَةُ أَعَزِّ
________________
(١) اصطناع العشيرة : فعل المعروف بهم والاحسان إليهم والجريرة : الذنب.
(٢) العرس : حليلة الرجل وامرأته.
(٣) غنيمة باردة : آتية عفوا من دون قتال.
(٤) الشره : غلبة الحرص.