وَصِيَّتِي وَخَلِيفَتِي وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَحْمِلُهُ دَائِماً وَيَطُوفُ بِهِ جِبَالَ مَكَّةَ وَشِعَابَهَا وَأَوْدِيَتَهَا وَفِجَاجَهَا (١) صَلَّى اللهُ عَلَى الْحَامِلِ وَالْمَحْمُولِ.
وَحَكَى أَبُو عَمْرٍو الزَّاهِدُ فِي كِتَابِ الْيَوَاقِيتِ قَالَ قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِ كَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدٍ أُمُّ عَلِيٍّ صلی الله علیه وسلم حَامِلاً بِعَلِيٍّ وَأَبُو طَالِبٍ غَائِبٌ فَوَضَعَتْهُ فَسَمَّتْهُ أَسَداً لِتُحْيِيَ بِهِ ذِكْرَ أَبِيهَا فَلَمَّا قَدِمَ أَبُو طَالِبٍ سَمَّاهُ عَلِيّاً.
وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِاللهِ تَعَالَى وَبِرَسُولِهِ علیهما السلام مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ وَالْأَصْحَابِ وَأَوَّلِ ذَكَرٍ دَعَاهُ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَجَابَ وَلَمْ يَزَلْ يَنْصُرُ الدِّينَ وَيُجَاهِدُ الْمُشْرِكِينَ وَيَذُبُّ عَنِ الْإِيمَانِ وَيَقْتُلُ أَهْلَ الزَّيْغِ وَالطُّغْيَانِ وَيَنْشُرُ الْعَدْلَ وَيُوَلِّي الْإِحْسَانَ وَيُشَيِّدُ مَعَالِمَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَكَانَ مُقَامُهُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم بَعْدَ الْبِعْثَةِ ثَلَاثاً وَعِشْرِينَ سَنَةً مِنْهَا ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ مُشَارَكاً لَهُ فِي مِحْنَتِهِ كُلِّهَا مُتَحَمِّلاً عَنْهُ أَكْثَرَ أَثْقَالِهَا صَابِراً مَعَهُ عَلَى اضْطِهَادِ قُرَيْشٍ (٢) وَتَكْذِيبِهِمْ لَهُ قَائِماً بِمَا يَأْمُرُهُ بِهِ صَابِراً مُحْتَسِباً رَاضِياً وَعَشْرَ سِنِينَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِالْمَدِينَةِ يُكَافِحُ دُونَهُ (٣) وَيُجَالِدُ وَيَجْهَدُ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي قَمْعِ الْكَافِرِينَ وَيُجَاهِدُ وَيَقِيهِ بِنَفْسِهِ فِي الْمَوَاقِفِ وَالْمَشَاهِدِ وَيَثْبُتُ إِذَا تَزَلْزَلَتِ الْأَقْدَامُ وَكَلَّتِ السَّوَاعِدُ إِلَى أَنْ قَبَضَهُ اللهُ إِلَى رَحْمَتِهِ [جَنَّتِهِ] وَاخْتَارَ لَهُ دَارَ كَرَامَتِهِ وَرَفَعَهُ فِي عِلِّيِّينَ فَمَضَى صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ وَلِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیهما السلام يَوْمَئِذٍ مِنَ الْعُمُرِ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً.
واختلفت الأمة في إمامته بعد وفاة رسول الله صلی الله علیه وسلم وقالت شيعته وهم بنو هاشم كافة وسلمان وعمار وأبو ذر والمقداد وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين وأبو أيوب الأنصاري وجابر بن عبد الله وأبو سعيد الخدري في أمثالهم من أجلة المهاجرين
________________
(١) الشعاب جمع الشعب : الطريق بين الجبلبن. والاودية جمع الوادي والفجاج قريب من الشعاب في المعني.
(٢) اضطهده : اذاه واضطره بسبب المذهب او الدين.
(٣) كافح القوم اعدائهم : استقبلوهم في الحرب بوجوههم ليس دونها ترس ولا غيره.