وَقُرْبِهِ مِنَّا لَا نَكَادُ نُكَلِّمُهُ هَيْبَةً لَهُ يُعَظِّمُ أَهْلَ الدِّينِ وَيَقْرُبُ الْمَسَاكِينَ لَا يَطْمَعُ الْقَوِيُّ فِي بَاطِلِهِ وَلَا يَيْأَسُ الضَّعِيفُ مِنْ عَدْلِهِ فَأَشْهَدُ لَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي بَعْضِ مَوَاقِفِهِ وَقَدْ أَرْخَى اللَّيْلُ سُدُولَهُ (١).
وَغَارَتْ نُجُومُهُ قَابِضاً عَلَى لِحْيَتِهِ يَتَمَلْمَلُ تَمَلْمُلَ السَّلِيمِ وَهُوَ اللَّذِيعُ وَيَبْكِي بُكَاءَ الْحَزِينِ وَهُوَ يَقُولُ ـ : يَا دُنْيَا غُرِّي غَيْرِي أَبِي تَعَرَّضْتِ أَمْ إِلَيَّ تَشَوَّقْتِ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ قَدْ بَيَّنْتُكَ (٢) ثَلَاثاً لَا رَجْعَةَ فِيهَا فَعُمُرُكَ قَصِيرٌ وَخَطَرُكَ كَبِيرٌ وَعَيْشُكَ حَقِيرٌ آهِ مِنْ قِلَّةِ الزَّادِ لِلسَّفَرِ وَوَحْشَةِ الطَّرِيقِ فَبَكَى مُعَاوِيَةُ وَقَالَ رَحِمَ اللهُ أَبَا الْحَسَنِ كَانَ وَاللهِ كَذَلِكَ فَكَيْفَ حُزْنُكَ عَلَيْهِ يَا ضِرَارُ قَالَ حُزْنُ مَنْ ذُبِحَ وَلَدُهَا بِحَجْرِهَا فَهِيَ لَا تَرْقَأُ عَبْرَتُهَا وَلَا يَسْكُنُ حُزْنُهَا.
في بيعته وما جاء فيها
عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ جَاءَ النَّاسُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ علیهما السلام حَتَّى دَخَلُوا دَارَهُ فَقَالُوا نُبَايِعُكَ فَمُدَّ يَدَكَ فَلَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ أَمِيرٍ فَقَالَ لَيْسَ ذَلِكَ إِلَيْكُمْ إِنَّمَا ذَلِكَ لِأَهْلِ بَدْرٍ فَمَنْ رَضُوا بِهِ فَهُوَ خَلِيفَةٌ فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ إِلَّا أَتَى عَلِيّاً علیهما السلام وَقَالُوا مَا نَرَى أَحَداً أَحَقُّ بِهَا مِنْكَ فَمُدَّ يَدَكَ نُبَايِعْكَ فَقَالَ أَيْنَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ بَايَعَهُ طَلْحَةَ فَبَايَعَهُ بِيَدِهِ وَكَانَتْ إِصْبَعُهُ شَلَّاءَ فَتَطَيَّرَ مِنْهَا عَلِيٌّ علیهما السلام وَقَالَ مَا أَخْلَفَهُ أَنْ يَنْكُثَ ثُمَّ بَايَعَهُ الزُّبَيْرُ وَسَعْدٌ وَأَصْحَابُ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم جَمِيعاً.
عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ النَّخَعِيِّ (٣) قَالَ لَمَّا بُويِعَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام عَلَى
________________
(١) يقال : سدل شعره وثوبه : اذا أرخاء يعدله بالضم ، والسديل : ما أسبل على الهودج (ه م).
(٢) اى طلقتك.
(٣) وفى بعض المخطوطة «اسودين زيد» لكن الصحيح هو المختار وكان الرجل عن محدثي اهل الكوفة وكان موثقا ممدوحا صالحا عند اهل السنة توفى سنة ٧٤ ذكره ابن حجرفي تهذيب التهذيب ج ١ صلی الله علیه وسلم ٣٤٣.