مجلسه فقال ألي تقولون هذا إنه ابن من حلق رءوس من ترون وأومأ بيده إلى أهل الموسم.
وروي أن أبا شاكر الديصاني وقف ذات يوم على مجلس أبي عبد الله ع فقال له إنك لأحد النجوم الزواهر وكان آباؤك بدورا بواهر وأمهاتك عقيلات عباهر (١) وعنصرك من أكرم العناصر وإذا ذكر العلماء فعليك تثني الخناصر فخبرنا أيها البحر الزاخر ما الدليل على حدوث العالم فقال له أبو عبد الله ع إن أقرب الدليل على ذلك ما أذكره لك ثم دعا ببيضة فوضعها في راحته وقال هذا حصن ملموم (٢) داخله غرقئ رقيق (٣) يطيف به كالفضة السائلة والذهبة المائعة أتشك في ذلك قال أبو شاكر لا شك فيه قال أبو عبد الله ع ثم إنه ينفلق عن صورة كالطاوس أدخله شيء غير ما عرفت قال لا قال فهذا الدليل على حدث العالم فقال أبو شاكر دللت أبا عبد الله فأوضحت وقلت فأحسنت وذكرت فأوجزت وقد علمت إنا لا نقبل إلا ما أدركناه بأبصارنا وسمعناه بآذاننا أو ذقناه بأفواهنا أو شممناه بأنوفنا أو لمسناه ببشرنا فقال أبو عبد الله ع ذكرت الحواس الخمس وهي لا تنفع في الاستنباط إلا بدليل كما لا تقطع الظلمة بغير مصباح يريد ع أن الحواس بغير عقل لا توصل إلى معرفة الغائبات وأن الذي أراه من حدوث الصورة معقول بني العلم به على محسوس.
ومما حفظ عنه ع في وجوب المعرفة بالله عزوجل وبدينه. قوله وجدت علم الناس كلهم في أربع أولها أن تعرف ربك والثاني أن تعرف ما صنع بك والثالث أن تعرف ما أراد منك والرابع أن تعرف ما يخرجك عن دينك وهذه أقسام تحيط بالمفروض من المعارف لأنه أول ما يجب على العبد معرفة ربه جل جلاله فإذا علم أن له إلها وجب أن يعرف صنعه إليه فإذا عرف صنعه عرف به نعمته
__________________
(١) عقيلة كل شيء : أكرمه والعباهر جمع العبهر : الجامعة للحسن في الجسم والخلق.
(٢) أي مضموم بعضه إلى بعض.
(٣) غرقئ ـ كزبرج ـ : القشرة الملزقة ببياض البيض.