تخرج عن ملكي حتى تكون كفني فخرجت فيها إلى عرفة فوقفت فيها الموقف ثم انصرفت إلى جمع فقمت إليها في وقت الصلاة فرفعتها وطويتها شفقة مني عليها وقمت لأتوضأ ثم عدت فلم أرها فاغتممت لذلك غما شديدا فلما أصبحت وقمت لأتوضأ أفضت مع الناس إلى منى فإني والله لفي مسجد الخيف إذ أتاني رسول أبي عبد الله ع فقال لي يقول لك أبو عبد الله أقبل إلينا الساعة فقمت مسرعا حتى دخلت إليه وهو في فسطاط فسلمت وجلست فالتفت إلي أو رفع رأسه إلي فقال يا إبراهيم أتحب أن نعطيك بردة تكون كفنك قال قلت والذي يحلف به إبراهيم لقد ضاعت بردتي قال فنادى غلامه فأتى ببردة فإذا هي والله بردتي بعينها وطيي بيدي والله قال فقال خذها يا إبراهيم واحمد الله.
وعن شعيب العقرقوفي أنه بعث معه رجل بألف درهم فقلت إني أريد أن أعرف فضل أبي عبد الله فأخذت خمسة دراهم ستوقة (١) فجعلتها في الألف درهم وأخذت عوضها خمسة فصيرتها في لبنة قميصي ثم أتيت أبا عبد الله فأخذها ونثرها وأخذ الخمسة منها وقال هات خمستك وهات خمستنا.
وعن بكر بن أبي بكر الحضرمي قال حبس أبو جعفر أبي فخرجت إلى أبي عبد الله فأعلمته ذلك فقال إني مشغول بابني إسماعيل ولكن سأدعو له قال فمكث أياما بالمدينة فأرسل إلي أن أرحل فإن الله قد كفاك أمر أبيك فأما إسماعيل فقد أبى الله إلا قبضه قال فرحلت فأتيت مدينة ابن هبيرة فصادفت أبا جعفر راكبا فصحت إليه أبي أبو بكر الحضرمي شيخ كبير فقال إن ابنه لا يحفظ لسانه خلوا سبيله.
وعن مرازم قال قال لي أبو عبد الله وهو بمكة يا مرازم لو سمعت رجلا يسبني ما كنت صانعا قال قلت كنت أقتله قال يا مرازم إن سمعت من يسبني فلا تصنع به شيئا قال فخرجت من مكة عند الزوال في يوم حار فألجأني الحر أن
__________________
(١) الستوق ـ بضم السين وفتحها كقدوس وتنور ـ : درهم زيف بهرج ملبس بالفضة وقيل أردأ من ذلك.